[الثاني أنّه لو لم يؤخذ بالظنّ لزم ترجيح المرجوح على الراجح]
الثاني : أنّه لو لم يؤخذ بالظنّ لزم ترجيح المرجوح (٦٧٦)
______________________________________________________
٦٧٦. قد تمسّك بهذا الدليل العلّامة في النهاية وولده فخر الدين والسيّد عميد الدين والمقدّس الأردبيلي ، وحكي أيضا عن أبي الصلاح قدسسره. ولعلّه من هنا قد نسب صاحب المفاتيح القول باعتبار مطلق الظنّ إلى ظاهر العلماء. ومقتضى هذا الدّليل كون العمل بالظنّ من باب الاحتياط ، وكون المظنون أقرب إلى الواقع من الموهوم. ولكن ظاهر من تمسّك به كون الظنّ حجّة شرعيّة ، ولذا قد عملوا بالظنّ فيما كان مخالفا للاحتياط أو لم يمكن الاحتياط فيه ، إذ قد يظنّ الوجوب أو الحرمة ويكون الطرف الموهوم سواهما ، وقد يعكس ، وقد يدور الأمر بين الوجوب والحرمة ويظنّ أحدهما من دليل غير معتبر. والدليل المذكور إنّما يثبت جواز العمل بالظنّ في الصورة الاولى ، بل لا مانع من العمل بالوهم في الثانية ، بل هو أولى عقلا من العمل بالظنّ فيها كما لا يخفى. ومع ذلك قد أطلق المتمسّكون به وجوب العمل بالظنّ ، لأجل قبح ترجيح المرجوح على الراجح ، وهو لا يتمّ إلّا بجعل الظنّ دليلا شرعيّا بنفسه ، لا لأجل كون العمل به موافقا للاحتياط بالمعنى الذي عرفته ، وعرفت أنّ الدليل المذكور لا يعطيه.
وكيف كان ، فتوضيح المراد بالدليل المذكور أنّ كلّا من الترجيح ـ بمعنى الاختيار ـ والراجح والمرجوح مأخوذ من الرجحان ، وهو يطلق على معان ثلاثة : أحدها : رجحان الإدراك ، فيكون المظنون حينئذ راجحا والموهوم مرجوحا.
وثانيها : ما يراد من الرجحان في مسألة الحسن والقبح ، بأن يراد من رجحان الفعل كونه بحيث يستحقّ تاركه العقاب. وثالثها : كون الفعل ذا مصلحة داعية إلى ارتكابه ، فيراد بالمرجوح بقرينة المقابلة ما خلا عن هذه المصلحة. والمراد بالراجح والمرجوح في الدليل المذكور هو المعنى الأوّل ، كما هو ظاهر اللفظ ، فيكون المراد بالراجح هو المظنون ، والمرجوح هو الموهوم.
ويظهر من المحقّق القمّي رحمهالله كونهما بالمعنى الثاني ، بأن يراد بالراجح ما