للعقل ، فلا وجه لاطّراح الأخبار الظنّية الدالّة على هذا الحكم الغير المنافي لحكم العقل (*).
ثمّ إنّ مفاد هذا الدليل هو وجوب العمل بالظنّ إذا طابق الاحتياط لا من حيث هو ، وحينئذ فإذا كان الظنّ مخالفا للاحتياط الواجب ـ كما في صورة الشكّ في المكلّف به ـ فلا وجه للعمل بالظنّ حينئذ.
ودعوى الإجماع المركّب وعدم القول بالفصل واضحة الفساد ؛ ضرورة أنّ العمل في الصورة الاولى لم يكن بالظنّ من حيث هو بل من حيث كونه احتياطا ، وهذه الحيثيّة نافية للعمل بالظنّ في الصورة الثانية ، فحاصل ذلك (٦٧٥) : العمل بالاحتياط كلّية وعدم العمل بالظنّ رأسا (**).
______________________________________________________
٦٧٥. أي : الدليل.
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : «ومحصّل الكلام أنّ الضرر الدنيوي لمّا جاز حكم الشارع عليه بجواز الارتكاب بخلاف الضرر الاخروي ، فيجوز أن يحكم الشارع بجواز الارتكاب مع ظنّه ، فيكون ترك مظنون الضرر كمحتمله مرخّصا فيه بأدلّة الاصول. نعم ، لو ثبت طريقيّة الظنّ وحجيته كان كمقطوع الضرر ، فإذا فرضنا أنّ الإضرار الواقعي بالنفس محرّم فإن قطع أو ظنّ بظنّ معتبر جاء التحريم ، وإلّا دخل تحت الشبهة الموضوعيّة المرخّص فيها مع الشكّ والظنّ غير المعتبر ، فوجوب رفع الضرر المظنون موقوف على إثبات طريقيّة الظنّ ، فإثباتها به دور ظاهر. فالتحقيق أنّ الظنّ بالضرر إن استند إلى الأمارات الخارجيّة في الشبهات الموضوعيّة كان طريقا وحجّة بإجماع العلماء والعقلاء ؛ والسرّ فيه انسداد باب العلم بالضرر في الامور الخارجيّة ، فالعمل بالاصول في مقابل الظنّ يوجب الوقوع في المضارّ الكثيرة بحيث يختلّ نظام المعاش نظير العمل بظنّ السلامة. وإن كان مستندا إلى الأمارات في الشبهات الحكميّة فلا دليل على اعتباره ، بل المرجع الاصول المرخّصة النافية للتكليف إلّا إذا ثبت انسداد باب العلم فيها فيرجع إلى دليل الانسداد. وكذلك الكلام في ظنّ السلامة في مقابل الاصول المثبتة للتكليف ، فتأمّل. والأولى والأسلم : الجواب بمنع ترتّب الضرر الدنيوي على المخالفة الواجب والحرام إمّا بالوجدان وإمّا لاحتمال كون المصالح والمفاسد مترتّبة على المخالفة عصيانا لا مطلقا ، ولا يلزم من ذلك عدم حسن الاحتياط في موارد الشكّ فافهم ، منه قدسسره».
(**) في بعض النسخ زيادة : «ويمكن أن يردّ أيضا : بأنّها قاعدة عمليّة لا تنهض دليلا حتّى ينتفع به في مقابل العمومات الدالّة على الحكم الغير الضروري. وقد يشكل بأنّ المعارضة حينئذ تقع بين هذه القاعدة وبين الاصول اللفظيّة ، فإن نهضت للحكومة على هذه القاعدة جرى ذلك أيضا في البراءة والاستصحاب النافيين للتكليف المرخّصين للفعل والترك المؤمنين من الضرر ، فافهم».