وإن اريد من الضرر المظنون المفسدة المظنونة ، ففيه أيضا منع الصغرى (٦٧١) ؛ فإنّا وإن لم نقل بتغيّر المصالح والمفاسد بمجرّد الجهل ، إلّا أنّا لا نظنّ بترتّب المفسدة بمجرّد ارتكاب ما ظنّ حرمته ؛ لعدم كون فعل الحرام علّة تامّة لترتب المفسدة حتّى مع القطع بثبوت الحرمة ؛ لاحتمال تداركها بمصلحة فعل آخر لا يعلمه المكلّف أو يعلمه بإعلام الشارع نظير الكفّارة والتوبة وغيرهما من الحسنات التي يذهبن السّيئات.
______________________________________________________
بحكم العقل.
وبالجملة ، إنّ هنا قاعدتين : إحداهما : وجوب دفع الضرر المحتمل ، والاخرى : قبح العقاب بلا بيان. والثانية واردة على الاولى ، على ما حقّقه المصنّف رحمهالله في مبحث البراءة في مسألة الشبهة التحريميّة الحكميّة ، فراجع. وحينئذ يكون الظنّ بالوجوب أو التحريم كالشكّ فيهما في عدم وجوب دفع الضرر المحتمل في موردهما ، لأجل ورود قاعدة قبح العقاب بلا بيان على قاعدة دفع الضرر المحتمل.
وهنا بحث ، وهو أنّ ظاهر المصنّف رحمهالله ـ حيث منع الصغرى على تقدير كون المراد بالضرر هو الضرر الاخروي المظنون ـ هو تسليم ورود قاعدة دفع الضرر المظنون على قاعدة قبح العقاب بلا بيان. ولعلّه أيضا ظاهر العلماء. وتقديم القاعدة الثانية على الاولى في الضرر المحتمل ، وسؤال الفرق حينئذ متّجه بعد القول بوجوب دفع الضرر المحتمل كالمظنون بمطلق الظنّ الذي لم يثبت اعتباره إلّا بهذه القاعدة ، كثبوت اعتبار الاحتمال بها في مورد احتمال الضرر ، والمقام يحتاج إلى التأمّل.
٦٧١. حاصله : أنّ المصالح والمفاسد الكامنتين اللتين هما منشأ الأحكام الشرعيّة من قبيل المقتضيات دون العلل التامّة ، فالظنّ بالحكم إنّما يستلزم الظنّ بالمفسدة الفعليّة إذا حصل الظنّ بعدم المانع ، والظنّ بالحكم لا يستلزم الظنّ بعدم المانع حتّى يستلزم الظنّ بالمفسدة المزبورة.
وفيه : أنّه بعد فرض حصول الظنّ بالوجوب أو الحرمة لا بدّ من حصول الظنّ بعلّته التامّة لا محالة ، وإلّا لا يحصل الظنّ بأحدهما. ومن هنا يظهر أنّه لا وجه