نعم ، لو ادّعي أنّ دفع الضرر المشكوك لازم توجّه فيما نحن فيه الحكم بلزوم الاحتراز في صورة الظنّ بناء على عدم (٦٦٩) ثبوت الدليل على نفي العقاب عند الظنّ ، فيصير وجوده محتملا فيجب دفعه ، لكنه رجوع عن الاعتراف (٦٧٠) باستقلال العقل وقيام الإجماع على عدم المؤاخذة على الوجوب والتحريم المشكوكين.
______________________________________________________
لوجوب دفع الضرر المحتمل.
وحينئذ نقول : إنّ قول المصنّف رحمهالله بذلك مع قوله بالبراءة في الشبهات البدويّة إمّا مبنيّ على ورود قاعدة قبح التكليف بلا بيان على قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل ، كما اختاره في مسألة البراءة ، وحينئذ لا بدّ أن يراد بما قوّاه من وجوب دفع الضرر المحتمل وجوبه مع قطع النظر عن قاعدة قبح التكليف بلا بيان.
ويرد عليه : أنّ هذه القاعدة كما ترد على قاعدة دفع الضرر المحتمل ، كذلك ترد على قاعدة دفع الضرر المظنون ، بعد فرض كون الاحتمال كالظنّ في حكم العقل ، وعدم قيام دليل خارجي آخر على اعتبار الظنّ.
وإمّا مبنيّ على حكومة بناء العقلاء أو الأدلّة الشرعيّة على قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل ، مع تسليم ورود هذه القاعدة على قاعدة قبح التكليف بلا بيان.
ويرد عليه ـ مع منافاته لما اختاره من عكس ذلك كما عرفت ـ : أنّ بناء العقلاء وكذا الأدلّة الشرعيّة كما أنّهما واردان على قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل ، كذلك واردان على قاعدة وجوب دفع الضرر المظنون. وقد ظهر ممّا ذكرناه أنّ الأولى للمصنّف رحمهالله أن يمنع الصغرى أوّلا ، ويمنع الكبرى ثانيا.
٦٦٩. لأنّه مع الظنّ بالحكم الإلزامي وعدم جريان أصالة البراءة النافية لاحتمال العقاب يتحقّق احتماله لا محالة ، فيجب دفعه.
٦٧٠. فيما سبق من صورتي الجهل البسيط والمركّب. وحاصله : أنّ استلزام الظنّ بالوجوب والحرمة لاحتمال العقاب إنّما هو مع قطع النظر عن قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، وأمّا مع ملاحظتها فلا يبقى احتمال العقاب حتّى يجب دفعه