العقاب ، فالصغرى ممنوعة (٦٦٨) ؛ فإنّ استحقاق العقاب على الفعل أو الترك ـ كاستحقاق الثواب عليهما ـ ليس ملازما للوجوب والتحريم الواقعيّين ؛ كيف وقد يتحقّق التحريم ونقطع بعدم العقاب في الفعل كما في الحرام والواجب المجهولين جهلا بسيطا أو مركّبا ، بل استحقاق الثواب والعقاب إنّما هو على تحقّق الإطاعة والمعصية اللّتين لا تتحقّقان إلّا بعد العلم بالوجوب والحرمة أو الظنّ المعتبر بهما ، وأمّا الظنّ المشكوك الاعتبار فهو كالشكّ ، بل هو هو ؛ بعد ملاحظة أنّ من الظنون ما أمر الشارع بإلغائه ويحتمل أن يكون المفروض منها.
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ الحكم بعدم العقاب والثواب فيما فرض من صورتي الجهل البسيط و (*) المركّب بالوجوب والحرمة إنّما هو لحكم العقل بقبح التكليف مع الشكّ أو القطع بالعدم ، أمّا مع الظنّ بالوجوب أو التحريم فلا يستقلّ العقل بقبح المؤاخذة ، ولا إجماع أيضا على أصالة البراءة في موضع النزاع.
______________________________________________________
والكلام في المقامين الآخرين يظهر من التأمّل في كلام المصنّف رحمهالله وما أعلّقه عليه.
٦٦٨. حاصله : أنّ الظنّ بالحكم الإلزامي إنّما يستلزم الظنّ بالعقاب إذا كانت بين الحكم الواقعي والعقاب ملازمة واقعيّة ، وليس كذلك ، لتخلّفه فيما فرضه من صورة الجهل بسيطا أو مركّبا. نعم ، الملازمة إنّما هي بين العلم بالحكم الإلزامي أو الظنّ المعتبر به وبين العقاب ، وليس شيء منهما حاصلا في المقام. أمّا الأوّل فمعلوم. وأمّا الثاني فلعدم ثبوت اعتبار الظنّ في المقام. ومجرّد عدم جريان أصالة البراءة في صورة الظنّ بالحكم على تقدير تسليمه لا يستلزم الظنّ بالعقاب ما لم تثبت الملازمة الواقعيّة المذكورة ، غاية الأمر مع عدم جريان أصالة البراءة هو تحقّق احتمال العقاب على المخالفة. وحينئذ إن قلنا بوجوب دفع الضرر المحتمل يتّجه القول بحجيّة الظنّ وإلّا فلا. وظاهر المصنّف رحمهالله حيث قنع في الجواب على منع الصغرى هو تسليم الكبرى ، وهو وجوب دفع الضرر المظنون على تقدير تسليم الصغرى.
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «و» ، أو.