الضرر ، فلا ريب في استقلال العقل وبداهة حكمه بعدم الضرر في ذلك أصلا وإن كان ذلك في الظنّ القياسي. وحينئذ فالأولى لهذا المجيب (٦٦٦) أن يبدّل دعوى الضرر في العمل بتلك الأمارات المنهيّ عنها بالخصوص بدعوى : أنّ في نهي الشارع عن الاعتناء بها وترخيصه في مخالفتها ـ مع علمه بأنّ تركها ربما يفضي إلى ترك الواجب وفعل الحرام ـ مصلحة يتدارك بها الضرر المظنون على تقدير ثبوته في الواقع ، فتأمّل. وسيجيء تمام الكلام عند التكلّم في الظنون المنهيّ عنها بالخصوص وبيان كيفيّة عدم شمول أدلّة حجّية الظنّ لها إن شاء الله تعالى.
______________________________________________________
٦٦٦. لأنّه مع دعوى الضرر في العمل بالقياس مثلا يرد عليه ما أورده المصنّف رحمهالله من أنّ العمل به بمعنى التديّن والالتزام به لا يختصّ ضرره به ، لتأتّيه في العمل بمطلق الظنّ أيضا بالمعنى المذكور ، وبمعنى الاحتياط ودفع الضرر المظنون لا ضرر فيه أصلا ، بخلاف ما لو أبدل الضرر في العمل به بالمصلحة في ترك العمل به التي يستكشف عنها بنهي الشارع عن العمل به بالخصوص ، لفرض عدم المصلحة في ترك العمل بمطلق الظنّ سوى التحرّز عن مفسدة التشريع.
ولعلّ الأمر بالتأمّل إشارة إلى أنّ كون النهي عن القياس مثلا بالخصوص لأجل مصلحة في ترك العمل به وإن كان محتملا ، إلّا أنّ كونه لأجل مفسدة حرمة التشريع محتمل أيضا ، فلا دليل على التعيين.
والأولى أن يقال : إنّه على مذهب العدليّة من الإماميّة والمعتزلة لا بدّ أن تكون الأحكام ناشئة من المصالح والمفاسد ، بمعنى كون الوجوب ناشئا من المصلحة في الفعل والحرمة من المفسدة في الفعل أيضا ، وحينئذ فإذا حرّم الشارع فعلا ـ كشرب الخمر ـ فالقدر المسلّم على قاعدتهم إنّما هو الالتزام بوجود مفسدة في الشرب دون المصلحة في الترك ، إذ يكفي في وجوب الترك الناشئ من حرمة الفعل كونه خاليا من مفسدة الفعل ، ولا داعي إلى التزام مصلحة اخرى في الترك. وكذا الحال في حرمة العمل بالقياس.