إِلَى التَّهْلُكَةِ) ، وقوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٢) بناء على أنّ المراد (٦٥٥) العذاب والفتنة الدنيويّان ، وقوله تعالى : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ (٦٥٦) الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) (٣) ، وقوله تعالى : (وَ
______________________________________________________
عن إلقاء النفس في معرض الهلاكة الصادق مع الظنّ بها أيضا ، لا الهلاكة الواقعيّة ، وإلّا فحرمة إلقاء النفس في الهلاكة الواقعيّة لا يستلزم حرمته مع الظنّ بها أيضا ، لكونه مصادرة ، لأنّ الحاجبي يدّعي كون الاحتياط مع ظنّ الضرر حسنا لا واجبا. ومنه يظهر وجه الاستدلال بقوله سبحانه : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً ...) ، وقوله تعالى : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ).
٦٥٥. لأنّه إذا فسّرت الفتنة بالدنيويّة يكون وجوب الحذر لاحتمال إصابتها ، كما هو مقتضى الترديد بلفظة «أو». ولا ينافره وقوع العذاب الأليم أحد طرفي الترديد مع العلم بترتّبه على مخالفة أمره سبحانه ، إذ لعلّ ترديده سبحانه لأجل إبهام إصابة الفتنة على المخاطب وبالجملة ، إنّ مقتضى الآية علّية كلّ من احتمال إصابة الفتنة والعذاب الأليم لوجوب الحذر فإذا ثبت وجوب الحذر ، بمجرّد احتمال إصابة الفتنة فمع ظنّها بطريق أولى. وأمّا إذا فسّرت الفتنة بما عدا العذاب الاخروي من سائر المفاسد الاخرويّة ، فلا ترتبط الآية بما نحن فيه ، إذ إصابة أحد الأمرين لأجل مخالفة أمره سبحانه معلومة لا مظنونة.
والحاصل : أنّ المراد بالفتنة والعذاب في الآية يحتمل أن يكون الدنيويّين منهما ، كما يظهر من الطبرسي حيث قال في تفسير قوله تعالى : (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) أي : بليّة تظهر ما في قلوبهم من النفاق ، وقيل : عقوبة في الدنيا ، أو يصيبهم عذاب أليم ، أي : في الدنيا ويحتمل أن يكون الاخرويّين كما قدّمناه. ويحتمل أن يكون المراد بالفتنة الدنيويّة وبالعذاب الاخروي ، كما قدّمناه أيضا. والاستدلال إنّما يتمّ على الأخير بتقريب ما عرفت ، دون الأوّلين ، لأنّ إصابة أحد الأمرين لأجل مخالفة أمره تعالى حينئذ معلومة لا مظنونة كما عرفت.
٦٥٦. أي : يعمّهم وغيرهم ، واتّقاء الفتنة بإنكار موجبها من المنكر.