فلم يثبت ذلك بالإجماع والضرورة من الدين التي ادّعاها المستدلّ ؛ فإنّ غاية الأمر دعوى إجماع الإماميّة عليه في الجملة ، كما ادّعاه الشيخ والعلّامة في مقابل السيّد وأتباعه قدّست أسرارهم.
وأمّا دعوى الضرورة من الدين والأخبار المتواترة كما ادّعاها المستدلّ ، فليست في محلّها ، ولعلّ هذه الدعوى قرينة على أنّ مراده من السنّة نفس قول المعصوم أو فعله أو تقريره ، لا حكايتها التي لا توصل إليها على وجه العلم.
نعم ، لو ادّعى الضرورة على وجوب الرجوع إلى تلك الحكايات الغير العلميّة ؛ لأجل لزوم الخروج عن الدين لو طرحت بالكليّة ، يرد عليه أنّه إن أراد لزوم الخروج عن الدين من جهة العلم بمطابقة كثير منها للتكاليف الواقعيّة التي يعلم بعدم جواز رفع اليد عنها عند الجهل بها تفصيلا ، فهذا يرجع إلى دليل الانسداد الذي ذكروه لحجّية الظنّ ، ومفاده ليس إلّا حجّية كلّ أمارة كاشفة عن التكليف الواقعي.
وإن أراد لزومه من جهة خصوص العلم الإجمالي بصدور أكثر هذه الأخبار ـ حتّى لا يثبت به غير الخبر الظنّي من الظنون ـ ليصير دليلا عقليّا على حجّية خصوص الخبر ، فهذا الوجه يرجع إلى الوجه الأوّل الذي قدّمناه وقدّمنا الجواب عنه ، فراجع.
هذا تمام الكلام في الأدلّة (٦٤٦) التي أقاموها على حجّية الخبر ، وقد علمت دلالة بعضها (٦٤٧) وعدم دلالة البعض الآخر (٦٤٨).
______________________________________________________
٦٤٦. أي : الأربعة.
٦٤٧. من السنّة والإجماع.
٦٤٨. من الكتاب والعقل.
تكميل : اعلم أنّا قد أسلفنا سابقا أنّ المتيقّن من الكتاب والسنّة والإجماع المستدلّ بها على حجّية أخبار الآحاد هي حجّية الأخبار الموثوق بالصدور. وأمّا وجوه تقرير العقل فالظاهر أنّها أيضا كذلك.
أمّا الأوّل فإنّ مبناه على العلم إجمالا بصدور أكثر الأخبار المودعة في الكتب المعتبرة عن الأئمّة عليهمالسلام مع عدم معرفتها بأعيانها ، ومقتضى ذلك هو الانتقال في