.................................................................................................
______________________________________________________
بالظنون المطلقة يعملون بكلّ ظنّ حصل من الأمارات وإن لم يستلزم الظنّ بورود السنّة عن الحجّة. وما ادّعاه المصنّف رحمهالله من ندرة وجود هذا الفرض غير مجد في إثبات اتّحاد الطريقين ، لأنّ وجود الثمرة ولو نادرا كاف في إثبات تغايرهما.
قلت : إنّ العمل بكلّ أمارة ليس من لوازم القول بالظنون المطلقة ، لأنّ من القائلين بها من تمسّك بدليل الانسداد وزعم كون نتيجته مهملة ، فأخذ بالقدر المتيقّن منها ، وهي السنّة المظنونة. ومع التسليم فلا ريب أنّهم إنّما يعملون بكلّ ما أفاد الظنّ بالواقع ، ولا ريب أنّ الظنّ بالحكم الواقع يستلزم الظنّ بصدور الحكم الواقعي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، لأنّه قد بيّن جميع الأحكام حتّى أرش الخدش ، وإن بقي بعضها مخزونا عند أهل البيت عليهمالسلام كما تواترت به الأخبار ، فاللازم على طريقته أن يعمل بكلّ أمارة أفادت الظنّ بالواقع ، فلا يبقى حينئذ فرق بين الطريقين. ومن هنا يظهر ما في قول المصنّف رحمهالله : «نعم يخرج عن مقتضى هذا الدليل ...».
وعلى الثاني لا يخلو : إمّا أن يريد بالخبر الحاكي ما كان مقطوع المطابقة للواقع ، أو ما كان مقطوع الصدور عن الإمام عليهالسلام أو مطلقة ، سواء كان مقطوع المطابقة أو الصدور أو مظنونهما.
فإن أراد أحد الأوّلين يرد عليه أوّلا : أنّ مقتضاه كون المأمور به هو الأخذ بالسنّة بشرط حكاية الراوي لها إلينا ، وهذا ممّا لا محصّل له ، لعدم مدخليّة الحكاية في اعتبارها مع أنّه أشبه شيء بالأكل من القفاء ، لأنّ اعتبار الحكاية إنّما هو من جهة إيصالها ولو ظنّا إلى السنّة. فالأولى حينئذ جعل المرجع نفس السنّة لا حكايتها.
وثانيا : أنّه يلزم عليه أن يعتبر الظنّ بالسنّة بالمعنى المذكور إذا كان حاصلا من الشهرة ونحوها عند تعذّر العلم بها ، كما أوضحناه على تقدير أخذ السنّة بالمعنى المتقدّم.
وإن أراد الثالث ، بأن كان مقصوده أنّ المرجع والمأمور به من قبل الشارع هو أخبار الآحاد ، فلا يخلو : إمّا أن يراعي ذلك في حال الانفتاح ، أو في حال الانسداد.