لأنّه الذي يجب العمل به ، وأمّا الأخبار الصادرة النافية للتكليف فلا يجب العمل بها. نعم ، يجب الإذعان بمضمونها وإن لم تعرف بعينها. وكذلك لا يثبت به حجّية الأخبار على وجه ينهض لصرف ظواهر الكتاب والسنّة القطعيّة (*).
______________________________________________________
بمضمون خصوص كلّ واحد من الأخبار النافية الصادرة عن الأئمّة عليهمالسلام إلّا من باب وجوب الالتزام بما جاء به النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فإن علم تفصيلا فتفصيلا وإلّا فإجمالا. فإذا لم يجب الالتزام بخصوص كلّ واحد من الأخبار النافية عند الجهل بها ، فكيف يجب الالتزام بمضمون الأخبار النافية غير معلوم الصدور من باب المقدّمة ، لأنّ وجوبها فرع وجوب ذيها؟ هذا بخلاف الأخبار المثبتة للتكليف ، لأنّ وجوب الالتزام بمضمون خصوص كلّ واحد منها ثابت من باب المقدّمة والتوصّل به إلى العمل بمضمونها ، فإذا اشتبهت بين أخبار ظنّي الصدور وجب العمل بكلّ واحد منها مع إمكانه ، وإلّا فبالمظنون الصدور منها. نعم ، لو ثبت وجوب الالتزام بالأخبار الصادرة مطلقا تعبّدا صحّت دعوى وجوب العمل بكلّ واحد من الأخبار الظنّية من باب المقدّمة ، وإذ ليس فليس وقد تقدّم في صدر الكتاب ما يوضح المقام.
هذا ، مضافا إلى ما عرفت من أنّ الغرض من العمل بالمظنون الصدور إنّما هو التوصّل ولو ظنّا بالأخبار المعلومة الصدور إجمالا ، وقد تقدّم في كلام المصنّف رحمهالله أنّ العمل بتلك الأخبار على تقدير العلم بها تفصيلا إنّما هو للتوصّل إلى امتثال الأحكام الواقعيّة ، ومع انسداد باب العلم إلى الواقع وإلى ما يتوصّل به إليه يكون العمل بالخبر النافي للتكليف منافيا للغرض الداعي إلى العمل به ، كما هو واضح.
فإن قلت : إذا ثبت وجوب العمل بالخبر المثبت للتكليف ثبت وجوب العمل بالنافي أيضا بالإجماع المركّب.
قلت : دعوى الإجماع المركّب إنّما تتمّ فيما ثبت اعتبار الخبر المثبت من
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : «لأنّ العمل بالخبر من باب الاحتياط لا يوجب تخصيص العامّ وتقييد المطلق».