والحاصل أنّ معنى حجّية الخبر كونه دليلا متّبعا في مخالفة الاصول العمليّة والاصول اللفظيّة مطلقا ، وهذا المعنى لا يثبت بالدليل المذكور ، كما لا يثبت بأكثر ما سيأتي من الوجوه العقليّة بل كلّها ، فانتظر.
الثاني : ما ذكره في الوافية مستدلا على حجّية الخبر الموجود في الكتب (٦٤٠)
______________________________________________________
باب الظنّ الخاصّ ، وأمّا إذا ثبت من باب الاحتياط الجزئي فلا إجماع حينئذ كما لا يخفى.
فإن قلت : قد أشار المصنّف رحمهالله عند تقريب الاستدلال إلى خروج الأخبار الموافقة للأصل من محلّ النزاع بقوله : «وإلّا فالعلم بوجود مطلق الصادر لا ينفع ...».
قلت : ليس مقصوده منه بيان خروج الأخبار المذكورة من محلّ النزاع ، بل بيان عدم ترتّب ثمرة على الخلاف فيها. فما ذكره هناك لا ينافي ما ما أورده عليه هنا من عدم نهوض الدليل المذكور لاعتبار الأخبار المذكورة.
وممّا ذكرناه يظهر أيضا وجه عدم جواز صرف ظواهر الكتاب والسنّة المعلومة بهذه الأخبار المظنونة الصدور ، إذ ظواهر الكتاب والسنّة المعلومة مفيدة للعلم الشرعيّ بمقتضياتها ، ولا سبيل لحكم العقل بوجوب الاحتياط بالعمل بتلك الأخبار بإزاء تلك الظواهر ، إذ وجوب الاحتياط إنّما هو حيث لا علم تفصيلا وجدانا أو شرعا ، ومعه لا محلّ لوجوبه ، فكيف تصرف هذه الظواهر بتلك الأخبار؟ وسيجيء توضيح ذلك في كلام المصنّف رحمهالله عند التعرّض لبيان تنبيهات دليل الانسداد ، بل لا يجوز رفع اليد عن الاحتياط اللازم في القضايا الشخصيّة ، كما لو قلنا بوجوبه عند الشكّ في الأجزاء والشرائط بالخبر المظنون الصدور ، إذ جواز العمل بالظنّ لأجل عدم إمكان الاحتياط الكلّي أو تعسّره لا يوجب رفع اليد عن الاحتياط اللازم في خصوص الواقعة.
٦٤٠. قد شرط الشرطين في مبحث بيان شرائط العمل بخبر الواحد ، لا في عنوان المبحث هنا.