وثالثا : أنّ مقتضى هذا الدليل (٦٣٩) وجوب العمل بالخبر المقتضي للتكليف ؛
______________________________________________________
قلت أوّلا : إنّ هذا خلاف طريقة القائلين بالظنون الخاصّة ، لأنّهم إنّما يعملون بكلّ خبر مقطوع الوجود وإن كان مظنون الصدور ، لا بما كان مظنون الوجود ، ولذا لا يعملون بالشهرة وإن فرض استلزامها الظنّ بصدور خبر عن الشارع على طبقها.
وثانيا : إنّ الظنّ بالواقع وإن استلزم الظنّ بالصدور ، إلّا أنّ المدّعى هو العمل بكلّ خبر مظنون الصدور عن الشارع ، سواء كان مظنون المطابقة للواقع أيضا أم لا ، فالدليل لا يثبت حجّية خبر كان مظنون الصدور ولم يكن مظنون المطابقة للواقع.
٦٣٩. توضيح ذلك : أنّك قد عرفت عند شرح قوله : «فيجب بحكم العقل ...» أنّ مرجع دليل المستدلّ إلى إجراء دليل الانسداد في خصوص الأخبار ، بأن يقال : إنا نعلم إجمالا بصدور أخبار عن الإمام عليهالسلام يجب العمل بها ، ونعلم أيضا بوجود تلك الأخبار بين الأخبار التي بأيدينا ، وباب العلم منسدّ إلى معرفتها تفصيلا ، وحيث لم يجب الاحتياط الكلّي بالعمل بكلّ خبر ، إمّا للإجماع أو لاستلزامه العسر ، يجب بحكم العقل إعمال الظنّ في تعيينها.
وحينئذ نقول : إنّ حكم العقل بإعمال الظنّ في تعيين تلك الأخبار من باب حكمه بالاحتياط الجزئي بعد عدم وجوب الاحتياط الكلّي للإجماع أو غيره ، فكأنّه قال : إذا لم يجب عليك الاحتياط بالعمل بكلّ خبر فاحتط بالعمل بطائفة منها ، وهي ما كان مظنون الصدور ، لأنّ الظنّ بصدوره مرجّح في حكم العقل للأخذ به وطرح غيره. فإذا ثبت كون العمل بمظنون الصدور من باب الاحتياط والتوصّل ولو ظنّا إلى العمل بالأخبار المعلومة الصدور إجمالا ، فلا ريب أنّ العقل لا يحكم حينئذ بالعمل بالخبر المخالف للاحتياط ، بأن كان نافيا للتكليف ، لأنّ الأخبار النافية غير معلوم الصدور كما عرفت ، إنّما يجب العمل بها من باب المقدّمة والتوصّل به إلى العمل بالأخبار الصادرة عن الأئمّة عليهمالسلام في نفس الأمر ، والحال أنه لا يجب الالتزام