حكم الله الذي يجب العمل به ، وحينئذ : فكلّما ظنّ بمضمون خبر منها ـ ولو من جهة الشهرة ـ يؤخذ به (٦٣٨) ، وكلّ خبر لم يحصل الظنّ بكون مضمونه حكم الله لا يؤخذ به ولو كان مظنون الصدور ، فالعبرة بظنّ مطابقة الخبر للواقع ، لا بظنّ الصدور.
______________________________________________________
العمل بالأخبار ...».
فإن قلت : إنّ حصر مقتضى الدليل ـ بناء على انحصار مورد العلم الإجمالي بالأخبار ـ فيما ذكره من اعتبار الظنّ بالمضمون خاصّة لا يخلو عن نظر بل منع ، لأنّ الظنّ بالصدور وإن لم يستلزم الظنّ بالواقع ، إلّا أنه يستلزم الظنّ ببراءة الذمّة لأجل امتثال ما هو مظنون الاعتبار ، ولا ريب أنّه مع الظنّ بالفراغ لا يجب تحصيل الظنّ بالواقع. وبالجملة ، إنّ مقتضى اعتبار الأخبار من باب الكشف عن الواقع وحصر مورد العلم الإجمالي في الأخبار اعتبار أحد أمرين على سبيل منع الخلوّ : إمّا الظنّ بالواقع الحاصل من الأخبار ، أو الظن بالصدور.
قلت : إنّ استلزام الظنّ بالصدور للظنّ بالفراغ ممنوع ، إلّا من حيث استلزام الأوّل للظنّ بالواقع ، وذلك لأنّ استلزام الظنّ بالصدور للظنّ بالفراغ إنّما هو من وجهين : أحدهما : ما عرفت من استلزامه الظنّ بالواقع ، والآخر : كون الخبر المظنون الصدور مظنون الاعتبار شرعا. والكلام في المقام إنّما هو في إثبات اعتبار المظنون الصدور بحسب العقل لأجل العلم الإجمالي المذكور ، مع قطع النظر عن كونه مظنون الاعتبار بالخصوص شرعا ، فالعمل بمظنون الصدور لا يتمّ إلّا حيث استلزم الظنّ بالواقع لا مطلقا.
٦٣٨. وإن لم يكن الخبر مظنون الصدور.
فإن قلت : إذا ظنّ الحكم الواقعي من الخبر لأجل الموافقة للشهرة مثلا ، ولم يكن نفس الخبر مظنون الصدور ، ظنّ بصدور خبر آخر مرادف لهذا الخبر ، لما تواترت به الأخبار من بيان الشارع لجميع الأحكام حتّى أرش الخدش ، فإذا عملنا بخبر مظنون المطابقة للواقع وإن لم يكن صدوره مظنونا فقد عملنا بخبر مظنون الصدور عن الشارع ، وإن لم نعرفه بشخصه.