فهنا علم إجمالي حاصل في الأخبار وعلم إجمالي حاصل بملاحظة مجموع الأخبار وسائر الأمارات المجرّدة عن الخبر ؛ فالواجب مراعاة العلم الإجمالي الثاني وعدم الاقتصار على مراعاة الأوّل. نظير ذلك : ما إذا علمنا إجمالا بوجود شياه (*) محرّمة في قطيع غنم بحيث يكون نسبته إلى كلّ بعض منها كنسبته إلى البعض الآخر ، وعلمنا أيضا بوجود شياه محرّمة في خصوص طائفة خاصّة من تلك الغنم بحيث لو لم يكن من الغنم إلّا هذه علم إجمالا بوجود الحرام فيها أيضا ؛ والكاشف عن ثبوت العلم الإجمالي في المجموع ما أشرنا إليه سابقا من أنّه لو عزلنا من هذه الطائفة الخاصّة التي علم بوجود الحرام فيها قطعة توجب انتفاء العلم الإجمالي فيها وضممنا إليها مكانها باقي الغنم ، حصل العلم الإجمالي بوجود الحرام فيها أيضا ، وحينئذ : فلا بدّ من أن نجري حكم العلم الإجمالي في تمام الغنم إمّا بالاحتياط أو بالعمل بالمظنّة لو بطل وجوب الاحتياط. وما نحن فيه من هذا القبيل. ودعوى : أنّ سائر الأمارات المجرّدة لا مدخل لها في العلم الإجمالي وأنّ هنا علما إجماليّا واحدا بثبوت الواقع بين الأخبار ، خلاف الانصاف.
وثانيا : أنّ اللازم (٦٣٧) من ذلك العلم الإجمالي هو العمل بالظنّ في مضمون تلك الأخبار ؛ لما عرفت من أنّ العمل بالخبر الصادر إنّما هو باعتبار كون مضمونه
______________________________________________________
وإن كان كاشفا عن دخولها ، إلّا أنّ الثاني لا يستلزم عدم دخولها ، لجواز قيام العلم الإجمالي المتعلّق بمجموع الأخبار والأمارات بمجموع الطائفة الباقية والمنضمّة إليها والمعزولة ، بأن كان لكلّ منها مدخل في حصوله. فإذا عزلنا طائفة من الأخبار ، وضممنا إلى الباقية منها سائر الأمارات ، وفرض حينئذ عدم حصول العلم الإجمالي في مجموع الأخبار الباقية والمنضمّ إليها ، فهو لا يوجب خروج سائر الأمارات من أطراف العلم الإجمالي ، كما هو واضح.
٦٣٧. يعني : أنّ اللازم من ذلك هو الأخذ بكلّ مظنون المطابقة للواقع بحسب المضمون دون الصدور. وقد تقدّم توضيح ذلك عند شرح قوله : «إنّ وجوب
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «شياه» ، شاة.