أودعوه في كتبهم ، وعدم الاكتفاء بأخذ الرواية من كتاب وإيداعها في تصانيفهم حذرا من كون ذلك الكتاب (*) مدسوسا فيه من بعض الكذّابين.
فقد حكي عن أحمد (٦٢٤) بن محمد بن عيسى ، أنّه جاء إلى الحسن بن عليّ الوشّاء وطلب إليه (**) أن يخرج إليه كتابا لعلاء بن رزين وكتابا لأبان بن عثمان الأحمر ، فلمّا أخرجهما ، قال : احبّ أن أسمعهما ، فقال : رحمك الله ما أعجلك؟! اذهب ، فاكتبهما واسمع من بعد ، فقال : لا آمن الحدثان ، فقال : لو علمت أنّ الحديث يكون له هذا الطلب لاستكثرت منه ، فإنّي قد أدركت في هذا المسجد تسعمائة شيخ ، كلّ يقول : حدّثني جعفر بن محمّد عليهماالسلام (١).
وعن حمدويه عن أيّوب بن نوح : أنّه دفع إليه دفترا فيه أحاديث محمّد بن سنان ، فقال : إن شئتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا ؛ فإنّي كتبت عن محمّد بن سنان ، ولكن لا أروي لكم عنه شيئا ؛ فإنّه قال قبل موته : كلّ ما حدّثتكم به فليس بسماع ولا برواية ، وإنّما وجدته (٢).
______________________________________________________
وادّعى في أوّل كتابي التهذيب والاستبصار قطعيّة أكثر الأخبار. وقال الصدوق في أوّل الفقيه : «إنّي لا أورد في هذا الكتاب إلّا ما أفتي به وأحكم بصحّته ، وهو حجّة بيني وبين ربّي». وأنت إذا أضفت ما ذكرناه إلى ما ذكره المصنّف رحمهالله قطعت بما هو المطلوب من دون شكّ وريب.
٦٢٤. قد نقل هذه الرواية في منتهى المقال في ترجمة الحسن بن علي الوشّاء هكذا : عن أحمد بن محمد بن عيسى قال : خرجت إلى الكوفة في طلب الحديث ، فلقيت فيها الحسن بن علي الوشاء فسألته أن يخرج لي كتاب العلاء بن رزين العلاء وأبان بن عثمان الأحمر ، فأخرجهما إليّ ، فقلت له : أحبّ أن تجيزهما لي. فقال لي : يا رحمك الله ما عجلتك اذهب فاكتبهما واسمع من بعد. فقلت : لا آمن الحدثان. فقال : لو علمت أنّ هذا الحديث يكون له هذا الطلب لاستكثرت منه ، فإنّي
__________________
(*) لم ترد «الكتاب» في بعض النسخ.
(**) في بعض النسخ : بدل «وطلب إليه» ، وطلب منه.