.................................................................................................
______________________________________________________
ولكنّ المقام بعد لم يصفو عن شوب إشكال ، إذ لا شكّ في شمول الخبر الوارد في العمري وابنه وفي زكريّا بن آدم لوجوب اتّباعهم في الفتوى أيضا ، ولا ريب أنّ المعتبر في الفتوى هو عدالة المفتي لا الوثوق بما يخبر به عن رأيه ، لاعتبار قوله مع عدم الوثوق بقوله ، بل ومع الظنّ بخلافه أيضا. وأمّا حمل قوله عليهالسلام :
«فإنّهما ثقتان» وقوله عليهالسلام : «مأمون على الدين والدنيا» على إرادة اعتبار الوثوق الفعلي بالنسبة إلى قبول خبرهم ، والوثوق النوعي بالنسبة إلى قبول فتواهم ، فعلى تقدير تسليمه بعيد جدّا.
ولكنّ الإنصاف أنّه بعد ملاحظة هذين الخبرين ، وما ورد في قبول خبر الصادق ، وما ورد في بني فضّال ، وما دلّ على أنّ لنا أوعية سوء إنّما نملؤها علما وحكما لينتقل إلى شيعتنا ، وغيرها ممّا قدّمناه ، يحصل القطع باعتبار الخبر الموثوق بالصدور ، ولا إشكال في المسألة إن شاء الله تعالى. والله أعلم.
الثاني : أنّه إذا قلنا باعتبار الخبر الموثوق بالصدور في الأحكام ، فهل يعتبر ذلك في الموضوعات الخارجة أيضا ، مثل الإخبار عن الحياة والموت والملك ونحوها ، أو لا؟ الأقرب هو الثاني ، كما هو ظاهر الأصحاب أيضا ، لعدم الدليل على الحجيّة فيها كما هو واضح. وهل يعتبر فيها قول الثقة ، أعني : العدل الإمامي؟ فيه وجهان بل قولان ، ظاهر المشهور عدم الحجيّة ، للأصل. وصريح كاشف الغطاء هي الحجيّة ، لمفهوم آية النبأ. وهو ضعيف كما تقدّم في كلام المصنّف رحمهالله.
واختاره أيضا في الحدائق قائلا في مسألة الحكم بالنجاسة : «إذا استند إلى الظنّ الحقّ عندي أنّ قبول قول العدل في هذا المقام لا يخلو عن قوّة ، لدلالة جملة من الأخبار على إفادة قوله العلم. منها : ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمّار قال : «سألته عن رجل كانت له عندي دنانير وكان مريضا ، فقال : إن حدث بي حدث فأعط فلانا عشرين دينارا ، وأعط أخي بقيّة الدنانير ، فمات ولم أشهد موته ، فأتاني رجل مسلم صادق فقال لي : فقد أمرني أن أقول لك : انظر إلى الدنانير التي أمرتك