.................................................................................................
______________________________________________________
أنّه لا تكون الشهادة إلّا أن يعلم من كتب كتابا ونقش خاتما. وما يشير إليه أيضا تكذيبهم بعض الرواة ، مثل قولهم : ليس أحد من آبائي فعل كذا ، كما في حكاية سجدة الشكر بعد المغرب ، وأمثاله. هذا كلّه قد نقلناه عن رسالة البهبهاني في الاجتهاد والأخبار بعد أن راجعت في كثير منها إلى التراجم المذكورة في الرجال ، ولذا وقع الاختلاف في الجملة بين ما ذكرناه هنا وما في تلك الرسالة.
وأمّا الثالث فإنّك بعد ما عرفت من استقرار مسلك القدماء على ملاحظة السند والاعتماد فيه على الظنّ أو الوثوق ، فكيف تدّعي القطع بصدق جميع الأخبار المودعة في الكتب الأربعة فضلا عن غيرها؟! وممّا يؤيّده قول الصدوق في أوّل الفقيه : ولم أقصد قصد المصنّفين في إيراد جميع ما رووا ، بل قصدي إلى إيراد ما أفتي .... وما ذكره الشيخ في العدّة من أنّ إيراد مصنّف رواية لا يدلّ على اعتقاده بها ، ويجوز أن يكون إنّما رواها ليعلم لم يشذّ عنه شيء من الروايات. مع استناد الصدوق في تصحيح الأخبار إلى توثيق شيخه ابن الوليد لرجال سندها ، قال في باب صوم التطوّع : «وأمّا خبر صلاة يوم غدير خم والثواب المذكور فيه لمن صامه ، فإنّ شيخنا محمّد بن الحسن كان لا يصحّحه ويقول : إنّه من طريق محمّد بن موسى الهمداني ، وكان غير ثقة ، وكلّ ما لم يصححه ذلك الشيخ ولم يحكم بصحّته من الأخبار فهو عندنا متروك غير صحيح» انتهى.
ودعوى أنّ مراده بالصحّة هو القطع بالصدور ، وأنّ مراده أنّ كلّ ما لم يقطع ذلك الشيخ بصدوره فهو عندنا غير مقطوع الصدور ، وكلّ ما قطع بصدوره فهو مقطوع الصدور عندنا ، بعيدة عن الأنظار المستقيمة والأفهام السليمة ، مضافا إلى ما عرفت من أنّ الصحيح عند القدماء ما كان موثوق الصدور ، وإلى ما سنشير إليه من زيادة توضيح لذلك.
هذا كلّه مع أنّك قد عرفت دعوى الشيخ إجماع الطائفة على العمل بأخبار الآحاد المجرّدة عن القرائن القطعيّة ، ومع ذلك كلّه كيف يدّعي القطع بصدور