الخامس : ما ذكره العلّامة في النهاية : من إجماع الصحابة على العمل بخبر الواحد من غير نكير ، وقد ذكر في النهاية مواضع كثيرة عمل فيها الصحابة بخبر الواحد. وهذا الوجه لا يخلو من تأمّل ؛ لأنّه : إن اريد من الصحابة العاملين بالخبر من كان في ذلك الزمان لا يصدر إلّا عن رأي الحجّة عليهالسلام ، فلم يثبت عمل أحد منهم (٦١٧)
______________________________________________________
وثانيا مع التسليم : بأنّ ذلك إنّما ينهض دليلا على مذهب القدماء حيث كانوا عاملين بالأخبار الموثوق بها ، لا على مذهب مثل صاحب المعالم والأردبيلي وأمثالهما من التعبّد بالأخبار وإن لم تفد الوثوق ولا الظنّ أيضا. هكذا قيل ، وهو كما ترى.
وثالثا : أنّ المقصود في المقام إثبات حجّية الأخبار في مقابل العلم ، بحيث يجوز الرجوع إليها مع التمكّن منه بسؤال الإمام عليهالسلام ونحوه. ولا ريب أنّ عمل العقلاء بالأخبار غير العلميّة إنّما هو عند عدم التمكّن من العلم ، لانسداد باب العلم في أغلب امور معاشهم ، لتعلّقها في الأغلب بالمستقبل الذي لا سبيل للعلم إليه ، إذ لا يرتاب أحد في حقّ أحد أن يعمل في امور معاشه بغير العلم مع التمكّن منه في الأغلب. ولعلّ المصنّف رحمهالله أشار إلى أحد الوجوه المذكورة على سبيل منع الخلوّ بالأمر بالتأمّل.
٦١٧. لا يذهب عليك أنّ ما ذكره إنّما يتّجه لو كان العلّامة متمسّكا بإجماع أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآله ، إذ ما أورده بناء على هذا متّجه. وأمّا لو كان متمسّكا بإجماع أصحاب الأئمّة عليهمالسلام ، كما يظهر من طريق ردّ المصنّف رحمهالله له ، فما أورده عليه غير واضح الورود ، بل متّضح الفساد ، لأنّ قوله : إنّ أحدا منهم ممّن لا يصدر إلّا عن رأي الحجّة لم يثبت عمله بالخبر غير العلمي ، ممّا تشهد القرائن القطعيّة بخلافه. وقد تقدّم في كلامه أنّ المجلسي قد ادّعى تواتر الأخبار بعمل الشيعة في جميع الأعصار بخبر الواحد. وكذا تقدّمت دعوى النجاشي والشهيد اتّفاقهم على العمل