فلم يتحقّق من أحد نفيه على الإطلاق ، انتهى. وهو كلام حسن. وأحسن منه ما قدّمناه من أنّ مراد السيّد من العلم ما يشمل الظنّ الاطمئنانيّ ، كما يشهد به التفسير المحكيّ عنه للعلم ، بأنّه ما اقتضى سكون النفس ، والله العالم.
الثاني من وجوه تقرير الإجماع (٦٠٤) : أن يدّعي الإجماع حتّى من السيّد و
______________________________________________________
والشيخ ، فتدبّر.
٦٠٤. الفرق بين هذا التقرير والتقرير الأوّل عموم من وجه ، إذ الأوّل أعمّ من حيث المورد ، لكون مورده أعمّ من زمن الانفتاح والانسداد ، وأخصّ من حيث المجمعين ، لكون المراد بهم من عدا السيّد وأتباعه. والثاني أعمّ من حيث المجمعين ، لدخول السيّد وأتباعه فيهم ، وأخصّ من حيث المورد ، لاختصاصه بزمان الانسداد.
فإن قلت : إنّ هذا الوجه من وجوه تقرير الإجماع غير مجد في المقام في شيء ، لأنّ المقصود منه إثبات حجّية أخبار الآحاد من باب الظنون الخاصّة ، والسيّد وأتباعه إنّما يعملون بها في زمن الانسداد من باب دليل العقل ، أعني : دليل الانسداد ، ومقتضاه إثبات حجّية مطلق الظنّ من حيث هو. ولا ريب أنّ المجمعين إذا عمل بعضهم بها من باب الظنّ الخاصّ والآخر من باب الظنّ المطلق ، لا يثبت حجّيتها من باب الظنّ الخاصّ ، لكون النتيجة تابعة لأخسّ مقدّمتيها.
قلت : هذا السؤال مبنيّ على عدم التميّز والتفرقة بين الظنّ الخاصّ والمطلق ، إذ الفارق بينهما ليس محض التمسّك بالأدلّة الشرعيّة من الكتاب والسنّة على الأوّل ، والتمسّك بدليل العقل ـ أعني : دليل الانسداد ـ على الثاني ، كما يظهر من بعض كلمات المصنّف رحمهالله في غير المقام ، ولا مجرّد القول بكون الظنون الخاصّة في عرض الواقع ، والظنون المطلقة في طوله ، بأن كان لازم القول بالثانية العمل بها عند تعذّر العلم بالواقع. بل التحقيق في الفرق بينهما أنّ المراد بالظنون الخاصّة هو ظنون مخصوصة اعتبرها الشارع لأجل خصوصيّة فيها ، سواء كان اعتبارها في زمان الانفتاح أو الانسداد ، وسواء كان الدليل الدالّ على اعتبارها هو الشرع أو العقل.