وأنّ ما ردّه فهو
مردود ـ كما صرّح به في صلاة الغدير وفي الخبر الذي رواه في العيون عن كتاب الرحمة
ـ ، ثمّ ضممت إلى ذلك ظهور عبارة أهل الرجال في تراجم كثير من الرواة في كون العمل
بالخبر الغير العلمي مسلّما عندهم ، مثل قولهم : فلان لا يعتمد على ما ينفرد به ،
وفلان مسكون في روايته ، وفلان صحيح الحديث ، والطعن في بعض بأنّه يعتمد الضعفاء
والمراسيل إلى غير ذلك ، وضممت إلى ذلك ما يظهر من بعض أسئلة الروايات السابقة :
من أنّ العمل بالخبر الغير العلمي كان مفروغا عنه عند الرواة ، تعلم علما يقينيّا
صدق ما ادّعاه الشيخ من إجماع الطائفة.
والإنصاف : أنّه لم يحصل في مسألة يدّعى
فيها الإجماع من الإجماعات المنقولة والشهرة العظيمة والأمارات الكثيرة الدالّة
على العمل ، ما حصل في هذه المسألة ، فالشاكّ في تحقّق الإجماع في هذه المسألة لا
أراه يحصل له الإجماع في مسألة من المسائل الفقهيّة ، اللهمّ إلّا في ضروريّات
المذهب. لكنّ الإنصاف (٦٠١) أنّ المتيقّن من هذا كلّه الخبر المفيد للاطمئنان ، لا
مطلق الظنّ. ولعلّه مراد السيّد من العلم ـ كما أشرنا إليه آنفا ـ بل ظاهر كلام
بعض احتمال أن يكون مراد السيّد قدسسره
من خبر الواحد غير مراد الشيخ قدسسره.
قال الفاضل القزويني في لسان الخواصّ ـ على
ما حكي عنه ـ : إنّ هذه الكلمة أعني خبر الواحد ـ على ما يستفاد من تتبّع كلماتهم ـ
تستعمل في ثلاثة معان : أحدها : الشاذّ النادر (٦٠٢) الذي لم يعمل به أحد ، أو ندر
من يعمل به ، ويقابله ما عمل به كثيرون. الثاني : ما يقابل المأخوذ من الثقات
المحفوظ في الاصول المعمولة عند جميع خواصّ الطائفة ، فيشمل الأوّل ومقابله. الثالث
: ما يقابل المتواتر القطعي الصدور ، وهذا يشمل الأوّلين وما يقابلهما. ثمّ ذكر ما
حاصله : أنّ ما نقل إجماع الشيعة على إنكاره هو الأوّل ، وما انفرد السيّد قدسسره
بردّه هو الثاني ، وأمّا الثالث (٦٠٣)
______________________________________________________
٦٠١. قد تقدّم سابقا ما يضعّف ذلك.
٦٠٢. ظاهره ترادف اللفظين. وقد تقدّم عند شرح كلام الشيخ ما
ينفعك هنا.
٦٠٣. مقتضاه كون مقابل الثاني إجماعيّا ، وحينئذ يختلف معقد
إجماع السيّد