فكيف يظنّ بأكابر الفرقة الناجية وأصحاب الأئمّة صلوات الله عليهم ـ مع قدرتهم على أخذ اصول الدين وفروعه منهم عليهمالسلام بطريق اليقين ـ أن يعوّلوا فيها على أخبار الآحاد المجرّدة ، مع أنّ مذهب العلّامة وغيره أنّه لا بدّ في اصول الدين من الدليل القطعي وأنّ المقلّد في ذلك خارج عن ربقة الإسلام؟ وللعلّامة وغيره كثير من هذه الغفلات ؛ لالفة أذهانهم باصول العامّة. ومن تتبّع كتب القدماء وعرف أحوالهم قطع بأنّ الأخباريّين من أصحابنا لم يكونوا يعوّلون في عقائدهم إلّا على الأخبار المتواترة أو الآحاد المحفوفة بالقرائن المفيدة للعلم ، وأمّا خبر الواحد فيوجب عندهم الاحتياط دون القضاء والافتاء ، والله الهادي (٦) ، انتهى كلامه.
أقول : أمّا دعوى دلالة كلام الشيخ في العدّة على عمله بالأخبار المحفوفة بالقرائن العلميّة دون المجرّدة عنها وأنّه ليس مخالفا للسيّد قدسسرهما ، فهو كمصادمة الضرورة ؛ فإنّ في العبارة المتقدّمة من العدّة وغيرها ممّا لم نذكرها مواضع تدلّ على مخالفة السيّد (٥٦٠).
نعم ، يوافقه في العمل بهذه الأخبار المدوّنة ، إلّا أنّ السيّد يدّعي تواترها له أو احتفافها بالقرينة المفيدة للعلم ؛ كما صرّح به في محكيّ كلامه في جواب المسائل التبّانيّات من : أنّ أكثر أخبارنا المرويّة في كتبنا معلومة مقطوع على صحّتها ، إمّا بالتواتر أو بأمارة وعلامة تدلّ على صحّتها وصدق رواتها ، فهي موجبة للعلم مفيدة
______________________________________________________
٥٦٠. لأنّ في كلامه مواضع تدلّ على أنّ مراده بما ادّعى الإجماع عليه هو الأخبار المجرّدة عن القرائن القطعيّة :
منها : اشتراطه في عنوان المسألة كون الراوي سديدا في دينه ، إذ لو كان مقصوده إثبات حجّية الأخبار المقطوع بصدورها كان اشتراط ذلك لغوا.
ومنها : تصريحه في أوّل المسألة باشتراط خلوّ الخبر الذي ادّعى على اعتباره الإجماع عن القرائن القطعيّة.
ومنها : دعواه الإجماع على المسألة ، إذ لو كان مقصوده بيان اعتبار الأخبار المقطوع بالصدور لم يحتج ذلك إلى دعوى الإجماع عليه.