خبر يرويه عدل إمامي يجب العمل به ، هذا هو الذي تبيّن لي من كلامه. ويدعي إجماع الأصحاب على العمل بهذه الأخبار ، حتّى لو رواها غير الإمامي وكان الخبر سليما عن المعارض واشتهر نقله في هذه الكتب الدائرة بين الأصحاب ، عمل به ، انتهى. قال بعد نقل هذا عن المحقّق : وما فهمه المحقّق من كلام الشيخ هو الذي ينبغي أن يعتمد عليه ، لا ما نسبه العلّامة إليه (٤) ، انتهى كلام صاحب المعالم.
وأنت خبير بأنّ ما ذكره في وجه الجمع ـ من تيسّر القرائن وعدم اعتمادهم على الخبر المجرّد ـ قد صرّح الشيخ في عبارته المتقدّمة ببداهة بطلانه ؛ حيث قال : إنّ دعوى القرائن في جميع ذلك دعوى محالة ، وأنّ المدّعي لها معوّل على ما يعلم ضرورة خلافه ويعلم من نفسه ضدّه ونقيضه. والظاهر بل المعلوم أنّه قدسسره لم يكن عنده كتاب العدّة.
وقال المحدّث الأسترآبادي في محكيّ الفوائد المدنيّة : إنّ الشيخ قدسسره لا يجيز العمل إلّا بالخبر المقطوع بصدوره عنهم عليهالسلام ، وذلك هو مراد المرتضى قدسسره ، فصارت المناقشة لفظيّة ، لا كما توهّمه العلّامة ومن تبعه (٥) ، انتهى كلامه.
وقال بعض من تأخّر عنه من الأخباريّين في رسالته ـ بعد ما استحسن ما ذكره صاحب المعالم ـ : ولقد أحسن النظر وفهم طريقة الشيخ والسيّد قدسسرهما من كلام المحقّق قدسسره كما هو حقّه. والذي يظهر منه أنّه لم ير عدّة الاصول للشيخ ، وإنّما فهم ذلك ممّا نقله المحقّق قدسسره ، ولو رآها لصدع بالحقّ أكثر من هذا. وكم له من تحقيق أبان به عن غفلات المتأخّرين كوالده وغيره. وفيما ذكره كفاية لمن طلب الحقّ وعرفه ؛ وقد تقدّم كلام الشيخ ، وهو صريح فيما فهمه المحقّق قدسسره ، وموافق لما يقوله السيّد قدسسره ، فليراجع.
والذي أوقع العلّامة في هذا الوهم ما ذكره الشيخ في العدّة من أنّه يجوز العمل بخبر العدل الإمامي ، ولم يتأمّل بقيّة الكلام كما تأمّله المحقّق ، ليعلم أنّه إنّما يجوّز العمل بهذه الأخبار التي روتها (*) الأصحاب واجتمعوا على جواز العمل بها ، وذلك ممّا يوجب العلم بصحّتها ، لا أنّ كلّ خبر يرويه عدل إمامي يجب العمل به ؛ وإلّا
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «روتها» ، دوّنها.