للقطع وإن وجدناها في الكتب مودعة بسند مخصوص من طريق الآحاد ، انتهى.
والشيخ يأبى عن احتفافها بها ، كما عرفت (*) كلامه السابق في جواب ما أورده على نفسه بقوله فإن قيل : ما أنكرتم أن يكون الذين أشرتم إليهم لم يعملوا بهذه الأخبار بمجرّدها ، بل إنّما عملوا بها لقرائن اقترنت بها دلّتهم على صحّتها إلى آخر ما ذكره.
ومجرّد عمل السيّد والشيخ بخبر خاصّ ـ لدعوى الأوّل تواتره والثاني كون خبر الواحد حجّة ـ لا يلزم منه توافقهما في مسألة حجّية خبر الواحد ؛ فإنّ الخلاف فيها يثمر في خبر يدّعي السيّد تواتره ولا يراه الشيخ جامعا لشرائط الخبر المعتبر ، وفي خبر يراه الشيخ جامعا ولم يحصل تواتره للسيّد ؛ إذ ليس جميع ما دوّن في الكتب متواترا عند السيّد ولا جامعا لشرائط الحجّية عند الشيخ.
ثمّ إنّ إجماع الأصحاب الذي ادّعاه الشيخ على العمل بهذه الأخبار لا يصير قرينة لصحّتها بحيث تفيد العلم ، حتّى يكون حصول الإجماع للشيخ قرينة عامّة لجميع هذه الأخبار ؛ كيف وقد عرفت إنكاره للقرائن حتّى لنفس المجمعين؟ ولو فرض كون الإجماع على العمل قرينة لكنّه غير حاصل في كلّ خبر بحيث يعلم أو يظنّ أنّ هذا الخبر بالخصوص وكذا ذاك وذاك ممّا اجتمع (**) على العمل به ، كما لا يخفى. بل المراد الإجماع على الرجوع إليها والعمل بها بعد حصول الوثوق من الراوي أو من
______________________________________________________
ومنها : ما أشار إليه بقوله : «ومن ادّعى في القرائن جميع ذلك ...».
ومنها : أنّه بعد أن ذكر في دليله الثاني على حجّية الأخبار مخالفة الشيوخ قال : «وذلك أشهر من أن يخفى ، حتّى إنّك لو تأمّلت في اختلافهم وجدته يزيد من اختلاف أبي حنيفة والشافعي ومالك ، ووجدتهم مع هذا الاختلاف العظيم لم يقطع أحد منهم موالاة صاحبه ، ولم ينته إلى تضليله وتفسيقه والبراءة من مخالفه ، فلو لا أنّ العمل بهذه كان جائزا لما كان ذلك ، وكان يكون من عمل بخبر عنده أنّه
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : من.
(**) في بعض النسخ : بدل «اجتمع» ، أجمع.