ومثل ما ورد مستفيضا في المحاسن وغيره (٥٣٤) : «حديث واحد في حلال وحرام تأخذه من صادق خير لك من الدنيا وما فيها من ذهب وفضّة». وفي بعضها : «يأخذ صادق عن صادق». ومثل ما في الوسائل عن الكشّي من أنّه ورد (٥٣٥) توقيع على القاسم بن العلاء وفيه : «إنّه لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنّا ثقاتنا ؛ قد علموا أنّا نفاوضهم سرّنا ونحمله إليهم» (١٠). ومثل مرفوعة الكناني عن الصادق عليهالسلام في تفسير قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ،) قال : «هؤلاء قوم من شيعتنا ضعفاء ، وليس عندهم ما يتحمّلون به إلينا فيسمعون حديثنا ويفتّشون من علمنا ، فيرحل قوم فوقهم وينفقون أموالهم ويتعبون أبدانهم حتّى يدخلوا علينا ويسمعوا حديثنا فينقلوا إليهم ، فيعيه اولئك ويضيّعه هؤلاء ، فاولئك الذين يجعل الله لهم مخرجا ويرزقهم من حيث لا يحتسبون» (١١) دلّ على جواز العمل بالخبر وإن نقله من يضيّعه ولا يعمل به.
ومنها : الأخبار الكثيرة التي يظهر من مجموعها جواز العمل بخبر الواحد وإن كان في دلالة كلّ واحد (٥٣٦) على ذلك نظر
______________________________________________________
للرجل أن يشهد لأخيه إذا كان له شاهد واحد من غير علم ، ونقل ذلك كلّه في منتهى المقال عن الخلاصة.
٥٣٤. عن المحاسن عن الباقر عليهالسلام : «والله حديث واحد تصيبه من صادق في حلال وحرام خير لك ممّا طلعت عليه شمس حتّى تغرب». وعن الجامع عن الباقر عليهالسلام قال : «حديث واحد تأخذه من صادق خير لك من الدنيا والآخرة». والصادق لغة وعرفا من له ملكة الصدق ، أو من لم يظهر منه كذب إلّا نادرا.
٥٣٥. قيل : إنّه صحيح عالي السند.
٥٣٦. إذ يحتمل أن يكون الغرض من حفظ الأخبار ومذاكرتها وبثّها وكتابتها هو العمل بها عند حصول التواتر فيها لا مطلقا. وأمّا دعوى كون ذلك خلاف الظاهر ـ كما سيأتي عن شيخنا البهائي في النبويّ المستفيض ـ فممّا لا يصغى إليه. وما دلّ على جواز النقل بالمعنى ، وعلى الأمر بمعرفة منازل الرجال