حكم الوقائع إلى الرواة أعني الاستفتاء منهم إلّا أنّ التعليل (٥٢١) بأنّهم حجّته عليهالسلام يدلّ على وجوب قبول خبرهم. ومثل الرواية المحكيّة عن العدّة من قوله عليهالسلام : «إذا نزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها فيما روي عنّا ، فانظروا إلى ما رووه عن عليّ عليهالسلام» (٧). دلّ على الأخذ بروايات الشيعة وروايات العامّة مع عدم وجود المعارض من روايات الخاصّة.
ومثل ما في الاحتجاج عن تفسير العسكري عليهالسلام ـ في قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ ...) ـ من أنّه قال رجل للصادق عليهالسلام : «فإذا كان هؤلاء القوم من اليهود والنصارى لا يعرفون الكتاب إلّا بما يسمعون من علمائهم ، لا سبيل لهم إلى غيره ، فكيف ذمّهم بتقليدهم والقبول من علمائهم؟ وهل عوامّ اليهود إلّا كعوامّنا يقلّدون علمائهم؟ فإن لم يجز لاولئك القبول من علمائهم لم يجز لهؤلاء القبول من علمائهم». فقال عليهالسلام : «بين عوامّنا وعلمائنا وبين عوامّ اليهود وعلمائهم فرق من جهة وتسوية من جهة : أمّا من حيث استووا ؛ فإنّ الله تعالى ذمّ عوامنا بتقليدهم علمائهم كما ذمّ عوامهم بتقليدهم علمائهم ، وأمّا من حيث افترقوا فلا.
قال : بيّن لي يا بن رسول الله؟ قال : إنّ عوامّ اليهود قد عرفوا علمائهم بالكذب الصريح وبأكل الحرام والرشاء ، وبتغيير الأحكام عن وجهها بالشفاعات والنسابات والمصانعات (٥٢٢) ، وعرفوهم بالتعصّب الشديد الذي يفارقون به أديانهم ، وأنّهم
______________________________________________________
معرفة حكمها ، لعدم انصرافه إليه. لكنّ المصنّف رحمهالله قد أشار إلى منع هذا الظهور بقوله : «لو سلّم». ولعلّ الوجه فيه دعوى كون الانصراف المذكور من قبيل التشكيك البدوي دون المضرّ الإجمالي أو مبيّن العدم ، سيّما مع التعبير برواة أصحابنا المشعر بكون الرجوع إليهم من حيث كونهم رواة لا مجتهدين.
٥٢١. لأنّ عموم العلّة يقتضي كونهم حجّة مطلقا ، سواء كان ذلك في الفتوى أم القضاء أم الرواية ، فتثبت لهم بذلك الولاية في الأمور العامّة ، سيّما منصب القضاء والإفتاء. ويؤكّده قوله : «وأنا حجّة الله عليهم» لأنّ المنساق منه التنظير في كون الرواة بمنزلته في كلّ ما يرجع فيه إليه.
٥٢٢. المصانعة : الرشوة.