قبول قول الثقة كان أمرا مفروغا عنه عند الراوي ، فسأل عن وثاقة يونس ليرتّب عليه أخذ المعالم منه. ويؤيّده في إناطة وجوب القبول بالوثاقة : ما ورد في العمريّ (٥١٨) وابنه اللذين هما من النوّاب والسفراء ، ففي الكافي في باب النهي عن التسمية عن الحميريّ عن أحمد بن إسحاق ، قال : «سألت أبا الحسن عليهالسلام وقلت له : من اعامل أو عمّن آخذ وقول من أقبل؟ فقال عليهالسلام له : العمريّ ثقتي ؛ فما أدّى إليك عنّي فعنّي يؤدّي ، وما قال لك عنّي فعنّي يقول ، فاسمع له وأطع ؛ فإنّه الثقة المأمون» (٥). وأخبرنا أحمد بن إسحاق أنّه سأل أبا محمّد عليهالسلام عن مثل ذلك ، فقال له : «العمريّ وابنه ثقتان ، فما أدّيا إليك عنّي فعنّي يؤدّيان ، وما قالا لك فعنّي يقولان ، فاسمع لهما وأطعهما ؛ فإنّهما الثقتان المأمونان ...». وهذه الطائفة أيضا مشتركة مع الطائفة الاولى في الدلالة على اعتبار خبر الثقة المأمون.
ومنها : ما دلّ على وجوب الرجوع إلى الرواة والثقات والعلماء على وجه يظهر منه عدم الفرق بين فتواهم بالنسبة إلى أهل الاستفتاء وروايتهم بالنسبة إلى أهل العمل بالرواية ، مثل : قول الحجّة عجّل الله فرجه لإسحاق بن يعقوب ـ على ما في كتاب الغيبة (٥١٩) للشيخ وكمال الدين للصدوق والاحتجاج للطبرسي ـ : «وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنّهم حجّتي عليكم ، وأنا حجّة الله عليهم» (٦) فإنّه لو سلّم أنّ ظاهر الصدر (٥٢٠) الاختصاص بالرجوع في
______________________________________________________
٥١٨. بفتح العين ، ذكره في منتهى المقال.
٥١٩. وكذا رواه الكشّي في رجاله بسند عال صحيح قال : «سألت محمّد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت عليّ ، فورد في التوقيع بخطّ مولانا صاحب الزمان عجّل الله فرجه : «أمّا ما سألت عنه أرشدك الله ووفّقك ـ إلى أن قال ـ وأمّا الحوادث الواقعة ...» الحديث.
٥٢٠. وجه الظهور : أنّ ظاهر الأمر بالرجوع في الحوادث الواقعة إلى الرواة هو الرجوع إليهم في معرفة حكمها بالاستفتاء أو في فصل الخصومة بالقضاء ، لا رجوع المخاطبين إليهم في مجرّد أخذ ألفاظ الرواية منهم ، ثمّ اجتهادهم فيها في