بالتمسّك به في اصول
الفقه ، والاصول التي لا يتمسّك فيها بالظنّ مطلقا هو اصول الدين لا اصول الفقه ،
والظنّ الذي لا يتمسّك به في الاصول مطلقا هو مطلق الظنّ لا الظنّ الخاصّ. ومنها :
أنّ المراد بالفاسق (٤٦٠) مطلق الخارج عن طاعة الله ولو بالصغائر ، فكلّ من كان
كذلك أو احتمل في حقّه ذلك وجب التبيّن في خبره ، وغيره ممّن يفيد قوله العلم ؛
لانحصاره في المعصوم أو من هو دونه ، فيكون في تعليق الحكم بالفسق إشارة إلى أنّ
مطلق خبر المخبر غير المعصوم لا عبرة به لاحتمال فسقه ؛ لأنّ المراد الفاسق
الواقعي لا المعلوم. فهذا وجه آخر (٤٦١) لإفادة الآية حرمة اتّباع غير العلم ، لا
يحتاج معه إلى التمسّك في ذلك بتعليل الآية ، كما تقدّم في الإيراد الثاني من
الإيرادين الأولين.
وفيه : أنّ إرادة مطلق الخارج عن طاعة
الله من إطلاق الفاسق خلاف الظاهر
______________________________________________________
لا اصول الفقه ،
وما لا يتمسّك فيه بالظنّ بالصدور هو اصول الفقه ، لأنّ من قال بعدم جواز التمسّك
فيها بالظنّ أراد به عدم جواز إثبات المسائل الاصوليّة مثل أخبار الآحاد ، لا بمثل
الآيات وإن كانت ظنّية الدلالة. نعم الظنّ الذي لا يجوز التمسّك به في الاصول
مطلقا هو مطلق الظنّ ، والظنّ بالدلالة من الظنون الخاصّة دون المطلقة. وهذا من باب
المماشاة مع الخصم ، وإلّا فلا فرق في أدلّة اعتبار الظنون ـ سندا ودلالة وخاصّة
ومطلقة ـ بين الاصول والفروع.
٤٦٠. فيدخل أكثر أفراد العادل على اصطلاح المتشرّعة تحت عموم
الفاسق ، فيجب التبيّن عن خبر هذه الأفراد أيضا. وبالجملة ، إنّ ما يفيد الظنّ من
خبر العادل على مصطلح المتشرّعة داخل في المنطوق ، وما يفيد منه العلم فعدم وجوب
التبيّن عنه لكونه متبيّنا في نفسه ، فالآية لا تدلّ على نفي التبيّن عن شيء من
خبر العادل.
٤٦١. لا يخفى أنّ الآية على ما ذكره إنّما تدلّ على حرمة العمل
بمطلق الخبر غير العلمي ، لا على حرمة العمل بمطلق الظنّ ، سواء حصل من الخبر أم
غيره من الأمارات ، كما هو المدّعى.