وفيه : أنّ غاية الأمر لزوم تقييد المفهوم بالنسبة إلى الموضوعات بما إذا تعدّد المخبر العادل ، فكلّ واحد من خبري العدلين في البيّنة لا يجب التبيّن فيه. وأمّا لزوم إخراج المورد فممنوع ؛ لأنّ المورد داخل في منطوق الآية لا مفهومها. وجعل أصل خبر الارتداد موردا للحكم بوجوب التبيّن إذا كان المخبر به فاسقا ولعدمه إذا كان المخبر به عادلا ، لا يلزم منه إلّا تقييد لحكمه في طرف المفهوم وإخراج بعض أفراده ، وهذا ليس من إخراج المورد المستهجن في شيء.
ومنها : ما عن غاية البادئ من أنّ المفهوم يدلّ على عدم وجوب التبيّن ، وهو لا يستلزم العمل ؛ لجواز وجوب التوقّف. وكأنّ هذا الايراد مبنيّ على ما تقدّم فساده (٤٥٨) من إرادة وجوب التبيّن نفسيّا ، وقد عرفت ضعفه ، وأنّ المراد وجوب التبيّن لأجل العمل عند إرادته ، وليس التوقّف حينئذ واسطة. ومنها : أنّ المسألة أصوليّة ، فلا يكتفى فيها بالظنّ. وفيه : أنّ الظهور اللفظي (٤٥٩) لا بأس
______________________________________________________
مطلقا إلّا في قضيّة الارتداد ونحوها ممّا ثبت فيه اعتبار العدد.
وهذه وجوه أربعة مرجعها إلى دوران الأمر بين المجاز والتخصيص والتقييد ، وأنّ الأخيرين في أنفسهما وإن ترجّحا على الأوّل ، إلّا أنّ هذا المجاز أرجح من تخصيص المورد ، وكذا من تقييد المفهوم الذي من شأنه الإطلاق عند إطلاق المنطوق ، فتخلو الآية عن المفهوم ، فتسقط عن الدلالة على اعتبار خبر العدل. ومع تسليم تساوي احتماله لاحتمال التخصيص والتقييد ، يرجع إلى أصالة حرمة العمل بالظنّ الذي منه الظنّ الخبري وإن كان المخبر عدلا. ووجه عدم ورود ما أورده المصنّف رحمهالله أنّ التقييد إنّما يقدّم على طرح المفهوم أو تخصيصه في غير المقام على ما عرفت.
٤٥٨. حينئذ يصحّ أن يقال : إنّ عدم التبيّن نفسا لا يستلزم القبول من دونه ، لجواز التوقّف حينئذ عن القبول والردّ ، بخلاف ما لو كان وجوبه شرطيّا ، إذ مقتضي عدم اشتراط قبول خبر العدل بالتبيّن هو جواز قبوله بدونه.
٤٥٩. توضيحه : أنّ ما لا يتمسّك فيه بالظنّ مطلقا هو اصول العقائد