عرفا (٤٦٢) ، فالمراد به : إمّا الكافر كما هو الشائع إطلاقه في الكتاب ، حيث إنّه يطلق غالبا في مقابل المؤمن. وإمّا الخارج عن طاعة الله بالمعاصي الكبيرة الثابتة تحريمها في زمان نزول هذه الآية ، فالمرتكب للصغيرة غير داخل تحت إطلاق الفاسق في عرفنا المطابق للعرف السابق ، مضافا إلى قوله (٤٦٣) تعالى : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ). مع أنّه يمكن فرض الخلوّ (٤٦٤) عن الصغيرة والكبيرة ، كما إذا علم منه التوبة (٤٦٥) من الذنب السابق ، وبه يندفع الإيراد المذكور حتّى على مذهب من يجعل كلّ ذنب كبيرة (٣٧). وأمّا احتمال فسقه بهذا الخبر
______________________________________________________
٤٦٢. لا يخفى أنّ القدر الثابت من تصرّف الشارع إنّما هو في معنى العدالة دون الفسق ، فهو باق على معناه اللغوي في عرف الشارع حين نزول الآية. ودعوى ظهوره في معنى الكفر أو في المعنى المقابل للعدالة المصطلحة في ذلك الزمان ممنوعة ، فلا بدّ من حمله في الآية على معناه اللغوي. وحينئذ يكون المراد بالعدالة في طرف المفهوم ما يقابل الفسق لغة ، بل الآية بحسب مفهومها إنّما تدلّ على اعتبار خبر غير الفاسق لا خبر خصوص العادل. نعم ، يطلق الفاسق كثيرا في عرف المتشرّعة على المعنى المقابل للعدالة المصطلحة ، لكن هذا الاصطلاح لم يثبت حين نزول الآية لتحمل عليه.
٤٦٣. فيه : منع الدلالة على تعيين المراد بالفاسق في الآية كما هو واضح.
٤٦٤. يعني : أنّه مع تسليم كون المراد بالفاسق مطلقا من خرج من طاعة الله ولو بالصغائر ، ومقتضاه كون المراد بالعادل من لم يخرج من طاعته ، كذلك نقول : إنّ الآية بمفهومها تدلّ على اعتبار خبر التائب من الذنب السابق ، ويثبت المطلوب في غيره بعدم القول بالفصل. وقد يقال : إنّ المخبر المعلوم التوبة نادر ، فلا ينصرف إليه الإطلاق.
٤٦٥. مثله الكافر إذا أسلم ولم يصدر عنه ذنب بعد ، ولعلّ العبارة تشمله أيضا. ومثله أيضا الصبيّ إذا بلغ ولم يصدر عنه ذنب.