.................................................................................................
______________________________________________________
تقدّم الحكم على موضوعه ، وهو بديهي الفساد ، والفرض عدم إنشاء آخر ليثبت تعلّق الحكم بهذا الفرد أيضا بهذا الإنشاء. وما نحن فيه من هذا القبيل ، لأنّه إذا كان مفهوم الآية : إن جاءكم عادل بنبإ فصدّقوه ، فالفرد الواقعي المحقّق لهذا الحكم هو قول الشيخ : حدّثني المفيد ، وإذا شمل الحكم لهذا الفرد ووجب تصديقه في خبره يتولّد منه فرد آخر لهذا الحكم العامّ ، وهو أنّ الصدوق قد أخبر المفيد بقوله : حدّثني أبي ، ولا يشمله الحكم المذكور بالتقريب الذي عرفته.
وإن شئت زيادة توضيح لذلك قلت : إنّ الأحكام الظاهريّة تنزيلات للموضوعات المحتملة بمنزلة الواقعيّة المتحقّقة ، والغرض من هذا التنزيل ترتيب الآثار الشرعيّة المرتّبة على الموضوعات الواقعيّة عليها ، فإذا قال : صدّق العادل فيما أخبر به كما هو مقتضى مفهوم الآية ، فمعناه وجوب فرض المخبر به واقعا في ترتيب آثار الواقع عليه ، فإذا أخبر عادل بموت زيد يجب تصديقه بفرض موت زيد معلوما بالوجدان ، وترتيب آثار الموت عليه من جواز تزويج زوجته وعدم وجوب نفقتها عليه ونحو ذلك. ولا ريب أنّ وجوب تنزيل ما أخبر به العادل بمنزلة الواقع فرع وجود خبر هنا سابق على هذا التنزيل ، فإذا فرض وجود خبر عدل بحيث يلزم من تنزيل ما أخبر به بمنزلة الواقع تولّد خبر آخر ، فقوله : صدّق العادل لا يشمل هذا الخبر المتولّد من التنزيل المذكور ، لفرض تأخّر وجوده عن شموله للخبر الأوّل الذي تولّد منه هذا الخبر ، فلو شمله لزم تأخّر الموضوع عن الحكم ، وقد عرفت بطلانه.
فقد ظهر ممّا ذكر عدم تعقّل شمول الآية للوسائط بين الإمام عليهالسلام والخبر المتّصل بنا كخبر الشيخ فيما نحن فيه. نعم ، تشمل الخبر المتّصل خاصّة ، ولا يرد عليه الإشكال المذكور ، لكون خبر الشيخ المتّصل بنا معلوما بالوجدان سابقا على الحكم بوجوب تصديقه. ومقتضى شمول الآية له تنزيل ما أخبر به الشيخ بمنزلة الواقع في ترتيب آثار الواقع عليه ، فكما يجب تصديقه ويحرم تكذيبه فيما علمنا بصدقه ، بأن علمنا بإخبار المفيد له بقوله : حدّثني الصدوق ، كذلك فيما لم نعلم بذلك لكن أخبرنا الشيخ به.