ومنها : أنّ مفهوم الآية لو دلّ (٤٤٥) على حجّية خبر العادل لدلّ على حجّية الإجماع الذي أخبر به السيّد المرتضى وأتباعه قدس سرّهم : من عدم حجّية خبر العادل ؛ لأنّهم عدول أخبروا بحكم الإمام عليهالسلام بعدم حجّية الخبر. وفساد هذا الإيراد أوضح من أن يبيّن ؛ إذ بعد الغضّ عمّا ذكرنا سابقا في عدم شمول آية النبأ للاجماع المنقول ، وبعد الغضّ عن أنّ إخبار هؤلاء معارض بإخبار الشيخ قدسسره ، نقول : إنّه لا يمكن دخول هذا الخبر تحت الآية. أمّا أوّلا : فلأنّ دخوله يستلزم خروجه لأنّه خبر عادل فيستحيل دخوله.
ودعوى : أنّه لا يعمّ نفسه (٤٤٦) ، مدفوعة : بأنّه وإن لم يعمّ نفسه لقصور دلالة اللفظ عليه ـ إلّا أنّه يعلم أنّ الحكم ثابت لهذا الفرد (*) ؛ للعلم بعدم خصوصيّة مخرجة له عن الحكم ؛ ولذا لو سألنا السيّد عن أنّه إذا ثبت إجماعك لنا بخبر واحد هل يجوز الاتّكال عليه؟ فيقول : لا. وأمّا ثانيا : فلأنّا لو سلّمنا جواز دخوله لكن نقول : إنّه
______________________________________________________
ملاحظة النسبة بينها وبين المفهوم ، وبمثله يقال بالنسبة إلى تخصيص عمومات حرمة العمل بالظنّ بزمان عدم التمكّن من العلم.
٤٤٥. هذا نظير ما يقال على القائل بحجّية ظواهر الكتاب : إنّها لو كانت حجّة لزم منها عدم حجّيتها ، للآيات الناهية عن العمل بالظنّ ، كما نبّه عليه المصنّف رحمهالله سابقا. وعلى القائل بحجّية الاستصحاب : إنّه على تقدير حجّيته يلزم عدمها ، لاستصحاب عدم جعل الشارع له حجّة. والكلام في الكلّ على سياق واحد.
٤٤٦. لقصور اللفظ عن الشمول لنفسه كما يظهر بملاحظة النظائر في العرف ، كما لو قال المولى لعبده : صدّق زيدا في كلّ ما يخبرك ، فأخبره بألف خبر ، ثمّ أخبره عن المولى بتكذيبه في كلّ ما يخبره به عنه ، فلا ريب أنّ العبد يأخذ بهذا الخبر من دون التفات إلى أنّ لازمه عدم الأخذ به أيضا. اللهمّ إلّا أن يفهم المناط في أمر المولى بتكذيبه زيدا في سائر أخباره ، إلّا أنّه لا دخل له في دلالة اللفظ كما لا يخفى.
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : ايضا.