فالمرجع إلى أصالة عدم الحجّية (٤٤١). وفيه : أنّ المراد ب «النبأ» في المنطوق ما لا يعلم صدقه ولا كذبه (٤٤٢) ، فالمفهوم أخصّ مطلقا من تلك الآيات ، فيتعيّن تخصيصها بناء على ما تقرّر من أنّ ظهور الجملة الشرطيّة في المفهوم أقوى من ظهور العامّ في العموم. وأمّا منع ذلك فيما تقدّم من التعارض بين عموم التعليل وظهور المفهوم ؛ فلما عرفت من منع ظهور الجملة الشرطيّة المعلّلة بالتعليل الجاري في صورتي وجود الشرط وانتفائه ، في إفادة الانتفاء عند الانتفاء ، فراجع.
وربّما يتوّهم أنّ للآيات الناهية جهة خصوص ، إمّا من جهة اختصاصها (٤٤٣)
______________________________________________________
٤٤١. يعني : في مادّة التعارض. وربّما ترجّح العمومات بالكثرة وكون دلالتها بالمنطوق ، بخلاف الآية ، لأنّ دلالتها بالمفهوم.
٤٤٢. لأنّ ما يفيد العلم من خبر الفاسق متبيّن بنفسه ، والأمر بالتبيّن عنه أمر بتحصيل الحاصل ، فإذا لم يشمل المنطوق ما يفيده لا يشمله المفهوم أيضا ، لكونه تابعا له ، فإذا كان المراد بخبر الفاسق في طرف المنطوق ما لا يفيد العلم خاصّة ، يكون المراد بخبر العادل في طرف المفهوم أيضا كذلك. ومع تسليم كون النسبة عموما من وجه يمكن ترجيح المفهوم بإدخال مادّة التعارض ـ وهو خبر العادل غير المفيد للعلم ـ تحته ، إذ لو أدخلت تحت العمومات لغا المفهوم حينئذ ، إذ لا يبقى تحته إلّا خبر العادل المفيد للعلم ، وجواز العمل به من الواضحات التي لا تحتاج إلى بيان ، فيجب إدخالها تحت المفهوم محافظة على كلام الحكيم عن اللغويّة. مضافا إلى أنّ من مرجّحات الدلالة ـ كما سيأتي في خاتمة الكتاب ـ كون أحد العامّين أقلّ أفرادا من الآخر ، لكونه أشبه بالخاصّ ، فيكون أظهر في الشمول من الآخر ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، لعدم شمول المفهوم لما عدا خبر العادل ، بخلاف العمومات ، لشمولها جميع الأمارات الظنّية.
٤٤٣. للإجماع حتّى من السيّد ـ على ما نقله عنه في المعالم ـ على جواز العمل بالظنّ في صورة الانسداد ، فتعمّ العمومات غير خبر العدل أيضا ، وتخصّ بزمان الانفتاح. ويعمّ المفهوم صورتي الانفتاح والانسداد ، ويخصّ بخبر العدل.