فالإيمان
بالقوة : هو ما كان في علم الله ، حيث كانت الأشياء أعيانا ثابتة فيه ، ويقال له :
الإيمان الإمكاني أيضا ، وإن لم يكن في العلم إلا واجب ، أو مستحيل على ما يعلمه
العلماء بالله.
والإيمان
بالفعل : هو ما كان في العين الخارجي ؛ إمّا في مرتبة الأرواح كما في عهد الميثاقي
حيث قالوا : بلى ، وإن لم يكن هناك إيمان وكفر في الحقيقة ؛ لكن لمّا كان في صورة
السؤال والجواب ، وفي صورة الذر ؛ عدّ إيمانا بالفعل ، وامّا في مرتبة الأجسام كما
وقع عين التبليغ والدعوة حيث قالوا : آمنا.
فالخلق متفقون
في الإيمان في مرتبة الأرواح ، ومختلفون في مرتبة الأجسام ، فمنهم مؤمن ، ومنهم
كافر ، ثم الإيمان في مرتبة الأجسام إمّا أن يتعقّبه الكفر والارتداد أو لا ، فإن
تعقّبه ؛ فالإيمان الميثاقي عارض لا يعتدّ به ؛ لأنه من وراء الحجاب ، وصاحبه شقى
شقاوة أزلية ، وإلا فهو أصلي معتد به ؛ لأنه إيمان عياني لا يطرأ عليه ما يضاده ،
وصاحبه سعيد سعادة أزلية ، وإن عرض له الكفر في البين.
فقوله تعالى : (أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ) [الآية : ١٠٦].
إشارة إلى
الكفر المستمر في مرتبة الأجسام بعد الإيمان الميثاقي في مرتبة
__________________