__________________
ـ واحتج الخصم بقوله تعالى : (وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ)[الانفطار : ١٤].
والجواب : أن هذا لا يوجب دوام العذاب ، وبقوله تعالى : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها)[النساء : من الآية ٩٣].
والجواب : أن قوله تعالى «فجزاؤه» يوجب كونه مستحقا لدوام العقاب والإستحقاق لا يوجب الوقوع). وذهب أبو هاشم ، وأتباعه : إلى أن الطارئ يزيل المتقدم بطريق الموازنة أي تقابل أجزاء الثواب بأجزاء العقاب فيسقط المتساويان منهما ويبقي الزائد.
وقال أبو علي ، وأتباعه : إنه بطريق الإحباط أي يبقى الطارئ بحالة ويسقط من السابق بقدرة.
وأجمعوا على أن وعيد الكافر المعاند دائم ، وأما الكافر الذي بالغ في الاجتهاد ، ولم يصل إلى الحق فزعم الجاحظ ، والعنبري أنه ينقطع لأنه معذور لقوله تعالى : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)[الحج : من الآية ٧٨] وأنكر الباقون ، وادعوا فيه الإجماع.
والذين زعموا أن الطاعات داخلة في الإيمان فمنهم من جوز الاستثناء مطلقا وهو قول عبد الله بن مسعود ، وقوم من الصحابة ، والتابعين ، والشافعي رضي الله عنهم ، ومنهم من جوز في الاستقبال دون الحال وهو قول جمهور المعتزلة والخوارج والكرامية.
والذين ذهبوا إلى أن الإيمان هو التصديق ، فمنهم من جوز الاستثناء وهو قول أبي سهل الصعلوكي وابن فورك ، ومنهم من أنكره وهو قول أبي حنيفة وأصحابه رحمهمالله وقوم من المتكلمين.
حجة المجوز من وجوه :
فالأول ـ هذا للتبرك لا للشك كقولة تعالى : (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ)[الفتح : من الآية ٢٧] وهذا للتبرك لامتناع الشك على الله تعالى.
الثاني ـ إنه للشك لكن لا في الحال بل في العاقبة ؛ لأن الإيمان المفيد هو الباقي عند الموت وكل شاك في ذلك.
الثالث ـ لما كان الإيمان عندهم مجموع الإعتقاد والقول والعمل والشك في العمل الذي هو أحد أجزائه يوجب الشك فيه فصح الشك في حصول الإيمان.
وقال المانع : أنا مؤمن حقّا لأن الشك في الحال والاستقبال يوجب على ضعف الاعتقاد في الحال ولا نزاع إن كان للتبرك. ـ