فأورد كلمة من ؛ إشارة إلى مبدأ الظهور ، فليس هناك الأخفاء دلّ عليه قوله : «كنت كنزا مخفيّا» (١) ، وظهور دلّ عليه قوله : «إن الله خلق آدم ؛ فتجلّى فيه» (٢) ؛ وهو التجلّي النوري البرقي.
وإنما قيل : له والد ؛ لقوله صلىاللهعليهوسلم : «يا علي أنا وأنت أبوا هذه الأمة» (٣) ، فإذا كان أبا لهذه الأمة ؛ كان أبا لمن قبلها أيضا ؛ لأن هذه الأمة ؛ هم الآخرون السابقون كما ورد في الحديث : «والغمدة في الأمة ؛ هم الذين كانوا من إله الحقيقي ، وأهل بيته المعنوي» (٤).
كما دلّ عليه قوله تعالى : (لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) [الأحزاب : ٣٣].
ومن هذا المقام كان سلمان رضي الله عنه من أهل البيت ، والتحق به المطهّرون جميعا ؛ لأنهم الذين مسّوا القرآن الحقيقي ، كما قال : لا يمسه إلا المطهرون : أي من دنس التعلّقات بما سوى الله تعالى مطلقا ، ودلّ على ما قلنا قولهم : الولد سرّ أبيه ؛ معناه فيه ما فيه ، فمن لم يكن سرّ أبيه ؛ لم يوجد فيه ما فيه ، فهو لم يكن من أولاده ، ورحم الله أكامل الناس حيث قدّموا الأولاد المعنوية على الأولاد الصورية الذين تجرّدوا عن المعنى.
ومن ثم قسموا الهاشمية على أقسام ، فإن كان الإنسان الكامل على هذه الصفة التي قررناها ؛ فالجهل بحقائقه أقرب من العلم بها ، فلا يعلم ما الله إلا الله ، ولا يعرف الإنسان الكامل أيضا إلا من كان في طبقته من المظاهر الكلية ، فإن العوام والمحجوبون من هذه المعرفة؟ وهي أعمق الأشياء ، وأغرب الأحوال.
ثم قال المصنف في موضع آخر :
قال الله سبحانه : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) [الإخلاص : ١].
__________________
(١) ذكره الجرجاني في التعريفات (١٠ / ٢١٨) ، والقنوجي في أبجد العلوم (٢ / ١٥٩).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) لم أقف عليه.