__________________
ـ وقال في باب الأسرار أيضا : الحادث لا يخلو عن الحوادث ، لو حلّ بالحادث القديم لصحّ قول أهل التجسيم ، فالقديم لا يحلّ ولا يكون محلا ، ومن ادعى الوصل فهو في عين الفضل اه.
وقال في هذا الباب أيضا : أنت أنت ، وهو هو ، فإيّاك أن تقول كما قال العاشق : (أنا من أهوى ، ومن أهوى أنا) ، فهل قدر هذا أن يرد العين واحدة ، لا والله ما استطاع ؛ فإنه جهل ، والجهل لا يتعقل حقّا ، ولا بدّ لكل أحد من غطاء ينكشف عند لقاء الله.
وقال في الباب التاسع والخمسين وخمسمائة بعد كلام طويل : وهذا يدلك على أن العالم ما هو عين الحق ، ولا حلّ فيه الحق ؛ إذ لو كان عين الحق أو حلّ فيه لما كان تعالى قديما ولا بديعا انتهى.
وقال في الباب الثاني والتسعين ومائتين : من أعظم دليل على نفي القول بالحلول والاتحاد أنك تدرك عقلا أن الشمس هي التي أفاضت على القمر النور ، وأن القمر ليس من نور الشمس شيئا مشهودا ؛ لأنها لم تنتقل إليه بذاتها ، وإنما القمر محلا لها ، فكذلك العبد ليس فيه شيء من خالقه ، ولا حلّ فيه اه.
وقال في الباب الرابع عشر وثلاثمائة : لو صحّ أن يرقى الإنسان عن إنسانيته والملك عن ملكيته ويتحد بخالقه تعالى لصحّ انقلاب الحقائق ، وخرج الإله عن كونه إلها ، وصار الحق خلقا ، والخلق حقّا ، وما وثق أحد بعلمه ، وصار المحال واجبا ، فلا سبيل إلى قلب الحقائق أبدا انتهى.
وقال في الباب الثامن والأربعين : لا يصحّ أن يكون الخلق في رتبة الحق تعالى أبدا ، كما لا يصحّ أن يكون المعلول في رتبة العلة انتهى.
وقال سيد الطائفة الجنيد رضي الله عنه : التوحيد إفراد القدم ـ يقصد الحق سبحانه وتعالى وما يجب لذاته المقدسة المترهة ـ عن الحدوث ـ يقصد العالم ـ.
وقال سيدي عبد القادر الأمير ـ قدسسره ـ في الموقف الثلاثون : قال لي الحق : «أتدري من أنت؟
فقلت : نعم ، أنا العدل الظاهر بظهورك ، والظلمة المشرقة بنورك. فقال لي : عرفت ؛ فالزم ، وإيّاك أن تدعي ما ليس لك ؛ فإن الأمانة مؤداة ، والعارية مردودة ، واسم الممكن منسحب عليك أبدا ، كما هو منسحب عليك أزلا».
ثم قال في شرح حديث (كنت سمعه) : وإنما هي الأحكام العدمية التي ظهر الوجود الحق بها لا غير ، ولا اتحاد كما يفهمه العميان ، ولا تأويل كما يقول صاحب الدليل والبرهان اه.
وقال في الكلام على حديث (ما وسعني .. إلخ) : قلب العارف الكامل المحقق الواصل يصير عين معروفه ، وعين ما حققه ، مع بقاء التمييز : إله ومألوه ، ربّ وعبد اه.