__________________
ـ قلت : وما في هذه الصحيفة؟ الحديث ، ولا ما روي في البخاري : حدثنا إسماعيل قال : حدثني أخي عن ابن أبي ذئب ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال : (حفظت من رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعاءين ، فأما أحدهما فبثثته ، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم) ، ولم يبلغهم مما ورد في كتاب الله وسنة نبيه صلىاللهعليهوسلم مما يقرر اختصاص الحق سبحانه لمن شاء من عباده بما شاء من عطاياه ، سواء كان المعطى محسوسا أم معنويّا كالعلم بالله والفهم في كتابه ، فراحوا ينكرون كل ما يجهلونه ، وكأنهم أحاطوا بما عند الله ، أو تحكموا على الله في ألا يعطي أحدا من خلقه إلا بعد أن يستأذنهم ، ولا يفهم أحدا في كتابه إلا بما فهموه هم ـ بفهمهم السقيم ـ لا غير ، فسبّوا ولعنوا أولياء الله ، (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ) [النور : ١٥] ، وأغفلوا ما أوردوه القرآن في حق صلحاء بني اسرائيل من العجائب والكرامات ، وحرموا ـ وما حرموا إلا أنفسهم ـ من ذلك صلحاء (خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) ، شهداء لله وللرسل عليهم الصلاة السّلام على الأمم ، الأمة الوسط ـ وهو الاعتدال والكمال ـ ألا وهى أمة خلاصة الخلق على الإطلاق وأفضلهم أعلمهم بربهم سيدنا ومولانا أحمد ـ صلّى الله عليه كما صلى على سيدنا ابراهيم ـ الأمة المحمدية ، فما أسخف وأقبح تلك العقول والقلوب المنكرة على أولياء وصلحاء الأمة المحمدية! حيث أثبتوا لصلحاء اليهود النصارى ما لم يثبتوه لصلحاء خير الأمم مع ورود القرآن والسنة المطهرة المشرفة باثبات ذلك العلم والفضل لهم ، وجعل هؤلاء المنكرون يستشهدون بأقوال أهل الكفر المستشرقين ـ الذين ما أرادوا بالإسلام والمسلمين خيرا قط ـ على أئمة الهدى المسلمين ، فينسبون العلم اللدني الوارد ذكره في كتاب الله وفي سنة رسول الله تارة إلى المسيحية ، وتارة إلى الفلسفة اليونانية ، وأخرى إلى الاستنباطات العقلية ، تبعا لهؤلاء المستشرقين ، الذين أدركوا حقيقة علوم أولياء الأمة المحمدية بربهم وبنبيهم ـ عليه الصلاة والسّلام ـ والمتمثلة أو المسماة بعلوم التصوف ، وما لها من العظمة ؛ بحيث يعجز غير المسلمين عن الإتيان بشيء منها ؛ وكيف لا وهي من السيد الأعظم صلىاللهعليهوسلم متلقاة ، وأن التصوف الإسلامي منذ عهد الصحابة إلى الآن السبب الأقوى والفعّال في دخول جموع الناس في دين الله أفواجا ، وهذا ما يشهد به التاريخ ، فراحوا ينسبونها إلى أنفسهم أو إلى عقل وفكر كما مرّ ؛ محاولين بذلك التقليل من شأن العلم في قلوب المسلمين ، ولكن هيهات هيهات : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ)[الصف : ٨] ببعض من النظريات التي يكذبها التاريخ ، وتأباها عظمة الدين الخاتم ، وهم في ذلك من (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ