التنزيه والتشبيه ، ويؤيد ذلك ما قال صلىاللهعليهوسلم : «إن الله خلق آدم على صورته ، وعلى صورة الرحمن» (١).
وقال في الغزو : «وإذا قتلت فأحسن القتلة ، واجتنب الوجه ؛ فإن الله خلق آدم على صورته» (٢).
وفيه إشارة إلى أن الوجه أدخل في الصورة ؛ لأن الوجود الواجبي وجه كله.
ومن هذا ورد في الأثر : «إن الله تعالى ما بعث نبيا إلا حسن الاسم ، حسن الوجه ، حسن الصوت» (٣).
فأشار بالأول إلى حسن التعيّن ؛ لأن الاسم هو التعيّن في عرف القوم ، وحسن التعيّن تابع لاعتدال المزاج ، ثم النقوش تابعة للتعيّن ؛ والمراد بالنقوش نقوش البدن ، والوجه المراد بها الهيئة الإنسانية ، فمن كان تعيّنه حسنا ؛ كان هيئته حسنة.
وأشار بالثاني إلى مقام الرؤية ومحلّها ، فإن الرغبات إنما تتوفر في مطالعة الحسن والجمال لا مطلق الوجه.
فكم من فرق بين وجه ووجه ، وهيئته وهيئته ، ولا يفرّق بينهما إلا أهل النظر الصحيح ، والشهود الكامل ، وأشار بالثالث إلى مقام التبليغ ، والصوت الحسن أبلغ فيه كما كان لداود عليهالسلام.
فالأنبياء ـ عليهمالسلام ـ وكمّل الأولياء ـ قدّس الله أسرارهم ـ كانوا على هذه الأوصاف الثلاثة ؛ لأنها أمور مرغبة ، وغيرها أمور منفرة ، والحكمة لا تقتضي إلا أسباب الترغيب ؛ ليدخل عباد الله في دائرة قبول الدعوة ، والانقياد إلى الأوامر والنواهي.
والمراد بالسجدة : الانقياد الباطني لا مطلق الانقياد الذي السجدة الصورية صورة من صوره ، فإن المنافقين انقادوا في الظاهر من غير انقياد في الباطن ، فلم يكونوا على طائل من الانقياد دلّ عليه قوله تعالى : (وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى) [التوية : ٥٤].
__________________
(١) تقدم تخريجه.
(٢) رواه مسلم (٤ / ٢٠١٧) ، وأحمد (٢ / ٢٤٤) بنحوه.
(٣) رواه ابن سعد في الطبقات (١ / ٣٧٦) ، وذكره ابن حجر في فتح الباري (٧ / ٢١٠).