عقوبتك ، وأعوذ بك منك» (١).
ولمّا كان حصول الرضا على طبقات الصفات ؛ قدّمه على ما كان من الأفعال ؛ وهو حصول المعافاة ، وإن كانت الأفعال أقدم في الاعتبار ، وذلك إنه إذا حصل الرضا ؛ حصل المعافاة ؛ إمّا رأسيا ؛ وهو أندر ، وإمّا بمعنى عدم التأذّي بالمكروهات الطبيعية النفسانية ؛ وهو حال الكمّل ، فإنهم لمّا كانوا منغمسين في بحر الرضا ؛ كان حقائق الصبر والشكر عندهم أمرا واحدا ؛ حيث تلذّذوا بالبلايا ؛ بل فنوا عن كل من اللّذّة والألم ، واستغرقوا في الله ، ودخل في العسر عسر القبض ، والهيبة ، والوقوف ، والتفرقة ، والتلوين ، ودخل في اليسر يسر البسط ، والإنس ، والجمع ، والتمكين.
فلا بد من الصبر في كل مقام من مقامات الابتلاء ، فإن السين في قوله تعالى : (سَيَجْعَلُ اللهُ) [الطلاق : ٧] ، وإن كان للاستقبال والتسويف ؛ لكنه للقريب ، وقد قيل : كل آت قريب ، والدنيا ساعة ؛ بل لمحة ، وقول الأنبياء عليهمالسلام : متى نصر الله ؛ إنما هو من شدة المقام لا ينافي ذلك كونهم في مقام الصبر والرضا.
__________________
(١) رواه مسلم (١ / ٣٥٢) ، وأبو داود (٢ / ٦٤).