القضاء ؛ فابتلاه الله تعالى بعسر البول فعجز وتضرّع إلى الله تعالى في رفعه عنه ، وهكذا أمر سائر العباد ؛ فإن الإنسان خلق ضعيفا ، والضعيف لا يتحمّل الحمل القوي ؛ ولذا حثّ النبي صلىاللهعليهوسلم على سؤال العفو والعافية ، ورد قوله : «اللهم إني أسألك العفو والعافية ، والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة» (١) ؛ وكل من الثلاثة الأخيرة ناظر إلى الأول.
وفي الحديث : «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من
__________________
ـ فحصر بوله من ساعته فسمى نفسه سمنون الكذّاب.
وقيل : كان سمنون في هيجانه يشطح وينشد :
ضاعف عليّ بجهدك البلوى |
|
وأبلغ بجهدي غاية الشكوى |
وأجهد وبالغ في مهاجرتي |
|
وأجهر بها في السر والنجوى |
فإذا بلغت الجهد فيّ فلم |
|
تترك لنفسك غاية القصوى |
فانظر فهل حال بي انتقلت |
|
عمّا تحبّ بحالة أخرى |
قال : فعوقب على ذلك بقطر البول ، فرأى في منامه كأنه يشكو حاله إلى بعض المتقدمين الصالحين ، فقيل له : عليك بدعاء الكتاتيب ، فكان بعد ذلك يطوف على الكتاتيب وبيده قارورة يقطر فيها بوله ، ويقول للصبيان : ادعوا لعمكم المبتلى بلسانه.
ومن كلامه :
قال أبو الحسن بن زرعان : كنت عند سمنون فشهق شهقة ثم قال : لو صاح إنسان لشدة وجده بحبه لملأ ما بين الخافقين صياحا.
وقال سمنون : إذا بسط الجليل غدا بساط المجد دخل ذنوب الأولين والآخرين في حاشية من حواشيه ، وإذا أبدى عينا من عيون الجود ألحق المسيء بالمحسن.
وقال سمنون المحب : لا يعبر عن الشيء إلا بما هو أرق منه ولا شيء أرق من المحبة فبم يعبر عنها؟
وسئل سمنون عن الفقير الصادق؟ فقال : الذي يأنس بالعدم كما يأنس الجاهل بالغنى ويستوحش من الغنى كما يستوحش الجاهل من الفقر.
انظر في ترجمته : حلية الأولياء (١٠ / ٢٣٨) ، وتاريخ بغداد (١٤ / ٣١٤) ، والبداية والنهاية (١١ / ١٢٦) ، وصفوة الصفوة (٤ / ٨٤) ، وطبقات الصوفية (٦) ، وشذرات الذهب (٢ / ٤٢٥).
(١) رواه أبو يعلى في مسنده (١ / ٤٩) ، والطبراني في الأوسط (٨ / ٢٠١).