وكونها من ملك الله لا يقتضي أن يكون نفقها عائدا إلى جانب الحق كما لا يخفى على الخبير.
ثم الآية عامة كقوله : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) [الطلاق : ٣].
فإن من توكّل على الله تعالى في أمر الدار ، وغيرها من الأمور الجزئية الغير المحصورة ؛ فالله تعالى كافيه في تسهيلها وتحصيلها.
ومن العسر : الفقر ، والاحتياج ، والمرض ، وموت الأولاد ، وهجوم الغموم من الأعداء ، وشدائد الهجرة ، والذّلّة ، وأذى الجار وإهانته ، وعسر الولادة للنساء ، وعسر البول ، وغير ذلك مما يشتمله.
ومن اليسر : الغنى ، والسعة ، والصحة ، وحصول الخلف الخيّر ، وتدمير الأعداء ، وسكون النفس إلى الدار ، وعزّ النفس ، واندفاع الأذى ، والإنفراج بعد الشدة كما ورد : «اشتدي أزمة تنفرجي» (١).
ودرّ الماء كما قال أبو هريرة رضي الله عنه : اللهم اجعل لي ضرسا طحونا ، ومعدة هضوما ، ودبرا نثورا.
فإن الدبر والقبل في حكم واحد ؛ كالأكل والشرب ؛ ولذا قد يكتفى بذكر أحدهما ، ويطوى ذكر الآخر.
وقد ادّعى سمنون المجنون (٢) في محلّ الدلال بتحمّل كل بارد من الله تعالى من
__________________
ـ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)[الزلزلة : ٧ ، ٨].
(١) رواه الديلمي في الفردوس (١ / ٤٢٦) ، والعجلوني في الخفا (١ / ١٤١).
(٢) هو سمنون بن حمزة ويقال : سمنون بن عبد الله ، كنيته أبو القاسم.
صحب سريا السقطي ومحمد بن علي القصاب وأبا أحمد القلانسي ، ووسوس.
وكان يتكلم في المحبة بأحسن كلام ، وشدة وجد ، وهو من كبار مشايخ العراق ، مات بعد الجنيد.
قال الخطيب : سمعت أبا نعيم الحافظ يقول : سمنون هو بن حمزة الخواص أبو الحسن.
وقيل : أبو بكر. بصري ، سكن بغداد ، ومات قبل الجنيد ، سمى نفسه سمنونا الكذّاب بسبب أبياته التي قال فيها :
فليس لي في سواك حظّ |
|
فكيفما شئت فامتحني |