(وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) [النساء : ٢٨] ؛ فهو حسبه فيه ، ومن يتوكّل على الله المعين القادر في رفع عجزه وسلبه ، وجلب إعانة له في حصول مطالبه ؛ فهو حسبه.
ومن يتوكّل على الله المقسط في دفع وجوده ، الموجب لحوره بعد كوره ؛ فهو حسبه فيه ، ومن يتوكّل على الله القاهر في قهر أعدائه الظاهرة والباطنة ، وانتقامه منهم في سرّه وعلانيته ؛ فهو حسبه فيه ، ومن يتوكّل على الله الولي النصير في تولّي أموره ، ونصرته على الجند المخالف له أي جند كان ؛ فهو حسبه ، ومن يتوكّل على الله النافع الضار في إيصال النفع ، وإبعاد الضر ؛ فهو حسبه فيه.
ومن يتوكّل على الله النور في تنوير ظاهره بأنوار السراج ، وباطنه بأنوار سرّ المعراج ؛ فهو حسبه فيه ، ومن يتوكّل على الله البصير في كشف العمى عنه ، وإراءة الطريق الموصّل إليه ، وهو الهدى الذي يحصل نوره في قلبه ، فيفرّق به بين الحق والباطل ؛ فهو حسبه فيه ، ومن يتوكّل على الله السميع في حصول السمع له حتى يسمع خطابات عالم الملك ، والملكوت ، والجبروت ، واللاهوت ؛ فهو حسبه فيه ، ومن يتوكّل على الله المتكلّم في إعطاء القدرة له في التكلّم حتى يتكلّم من جميع المراتب ، ويحصل من جانبه الهداية لجميع أرباب المطالب ؛ فهو حسبه.
ومن يتوكّل على الله الحي في قتل نفسه ، وإحياء قلبه حتى يجد حياة طيبة باقية ؛ فهو حسبه فيه ، ومن يتوكّل على الله الحكيم في حصول الحكمة العظمى لقلبه ، وجريان ينابيعها في باطنه ، وجريان الرحيق ، والنسيم ، والسلسبيل ، والكوثر في الجنة ؛ فهو حسبه فيه ، ومن يتوكّل على الله الهادي في أمر ضلّ فيه ، فلم يهتد ، ولم يجد لدفع خيرته سبيلا ؛ فهو حسبه فيه ، ومن يتوكّل على الله الرشيد في أمر إرشاده إلى أمره ، ولو بلا واسطة ؛ كأمر أويس القرني ؛ فهو حسبه فيه ، ومن يتوكّل على الله الباقي في إفناء وجودياته ، وإزالة تعيناته ؛ فهو حسبه فيه ، وهكذا فمن اكتفى بالله ؛ كفاه الله في كل مؤنته ، ودفع عنه كل ضرورته.
قوله تعالى : (سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) [الطلاق : ٧].
: أي بعد عسر الدار يسرها كما يقتضيه المقام ، وعسر الدار ضيقها ، وكونها مستعارة ، أو بطريق الكراء ، ويسرها سعتها ، وكونها بطريق الملك ، وإن كان الملك