على ألف من الأسماء الجمالية والجلالية ، فعليك بالتأمّل في هذا المجلس ، والاعتبار من الشيطان الذي هو مظهر اسم المضلّ في مرتبة الشريعة.
ومن النفس التي هي مظهر ذلك الاسم في مرتبة الطريقة ، ومن الجلال الذي هو المتسلّط على الخلق في مرتبة الحقيقة ، واجتهد أن تخرج من عالم الشيطان ، والنفس والجلال إلى عالم الرحمن والروح ، والجمال فإن الله تعالى إنما خلقك ؛ لتكون مرآته الجمالية بالفعل ، ويده الجلالية بالقوة فاعرف.
قال الله تعالى : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ* تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) [الرحمن : ٧٧ ، ٧٨].
اعلم أن التعينات : إمّا تعينات باطنة ؛ وهي تعينات القوى الروحانية.
وإمّا تعينات ظاهرة ؛ وهي تعينات الأعضاء والجوارح ، ولكل منها فناء وبقاء ، فإذا فنيت التعينات الباطنة يعني عن تعلّقاتها الفانية ، واستخلّت عنها بالكلية سرى فناؤها في التعينات الظاهرة ، فكانت هذه التعينات أيضا فانية عن أحكامها وتعلقاتها فلا يبقى شيء في ظاهر الوجود وباطنه إلا وهو فان في الله ، وباق بالله.
وكما أن الله تعالى يبقى وجهه أبدا ؛ وهو ذو الجلال من حيث الظاهر ، وذو الإكرام من حيث الباطن ؛ لأن ظاهر الوجود وآثاره من عالم الجلال وباطنه ، وأحكامه من عالم الإكرام والجمال ، وكذا ما يضاف إلى وجهه الكريم باق أبدا ، ومن ثم لما أحيا الروح بالحياة الإلهية ؛ سرت بركاته في الجسم ، وما يتبعه ؛ فكان الجسم مصونا من الإنفساخ والانحلال ، فكان الوجود بظاهره وباطنه باقيا بربه ؛ وهو وجود الخواص الكمّل من الناس ، وكون ظاهر الوجود فانيا متلاشيا ؛ إنما هو بالنسبة على وجود العوام النقص إذ لم يكن لهم روحانية سارية ؛ كروحانية الخواص الكمّل ؛ لكن لمّا كانت روحانيتهم مضافة إلى الله تعالى ، منفوخة منه ؛ بقى ت بقاء وجه ربها ؛ لأنها باطن الوجود من عالم الملكوت ، وهو من عالم البقاء بخلاف ظاهر الوجود ، فإنه من عالم الملك ، وهو من عالم الفناء (١).
__________________
(١) قال سيدي محمد وفا رضي الله عنه وعنّا به : الفناء هو اضمحلال كل متعرض متوهم لا ينتهي إلى غاية محقّقة ، وحقيقته : صدق العدم الذاتي على كل موجود بالعرض في المجاز ، وغايته : صادق من العلم يمحق كل كاذب من الوهم وهو الهلاك الحقيقي.