في سورة النجم
قال الله سبحانه : (وَلَقَدْ رَآهُ) [النجم : ١٣].
: أي وبالله لقد رأى محمد جبريل ـ عليهماالسلام ـ على صورته الحقيقة ؛ وهو باسط ستمائة جناح يتناثر منها الدرّ والياقوت.
قال تعالى : (نَزْلَةً أُخْرى) [الآية : ١٣] : أي مرة أخرى من النزول ؛ لأنه كان للنبي صلىاللهعليهوسلم ليلة المعراج عرجات لمسألة التخفيف من إعداد الصلوات المفروضة ، فيكون لكل عرجة نزلة ، فرأى جبريل في بعض تلك النزّلات عند سدرة المنتهى ظرف للرؤية.
وسدرة المنتهى ؛ مقام جبريل ، وقد كان بقى هناك عند خروجه صلىاللهعليهوسلم : أي مستوى العرش ، وقال : لو دنوت أنملة ؛ لاحترقت : أي لأن لكل من الروحانيين مقاما معلوما ظاهرا وباطنا لا يتجاوزه ؛ ولذا ذمّ المدّعي والشّطح.
وسميت المنتهى ؛ لأنه ينتهي إليها ما يهبط من فوقها من الأحكام ، ويصعد من تحتها من الآثار ؛ كالأعمال ، وهذا بالنسبة إلى العامة.
أمّا الخواص فلهم سدر الانتهاءات بحسب خلوصهم وشهودهم ، فيقف بعض الأعمال في سدرة المنتهى ، وبعضها يتجاوز إلى اللوح ، وبعضها إلى القلب ، وبعضها لا يعلم مكانها إلا الله تعالى.
وكل ذلك مدّخر لصاحبه ؛ لينتفع به يوم القيامة ، ولتلك الأعمال صور مجسّدة ترى على إيمانهم يوم القيامة طريقا تسلكها ، فتأخذ بها تلك الطريق مشاهدة أصحابها ، فيتخذها العاملون مراكب تحملهم إلى مستقر الرحمة.
وأمّا أعمال الأشقياء فتقوم لها طرق متداخلة عن يسارهم لا تعرف : أي طريق تمشّى بها أصحابها ، فترجع من الحيرة إلى الله بالذكر.
فمنها لا يهتدي إلى صاحبه أبدا رحمة من الله تعالى ، ومنها ما يهتدي إليه فيتعلّق به فيقول : أحملني فقد تعبتني في طلبك ؛ فيجبر العامل على حمله إلى أن تناله رحمة الله تعالى ، ثمنه ما من قصر ولا طاف في جنة الأعمال إلا وغصن من أغصان السّدرة داخل فيه ، وفي تلك الغصن من النبق ؛ وهي ثمرة السّدرة على قدر ما في