وقد ورد : «القبر روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النيران» (١)(٢).
__________________
(١) رواه الترمذي (٤ / ٦٣٩).
(٢) قال سيدي حسن الحمزاوي : اعلم أن القبر إما روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النار.
قال الحافظ الجلال : وهو أول منازل الآخرة.
قال : أخرج البيهقي وابن أبي الدنيا عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «القبر روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النار».
قال : وأخرج الترمذي مثله ، وأخرج بن منده عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إن المؤمن في قبره في روضة خضراء ، ويرحب : أي يوسع له قبره سبعون ذراعا ، وينوّر له كالقمر ليلة البدر».
وأخرج ابن منده عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يفسح للغريب في قبره كبعده عن أهله».
وفي بعض روايات للإمام البخاري ، أنه يفسح له سبعون ذراعا في سبعين ذراعا ، وللإمام القرطبي في حديث البراء بن عازب : مد البصر. وفي رواية للسيدة عائشة رضي الله عنها : أربعون ذراعا.
قال القرطبي : ولا تعارض بين هذه الروايات ؛ لأن هذا يختلف باعتبار الأشخاص باعتبار أعمالهم.
قال الإمام القرطبي : قال كعب الأحبار : إذا وضع العبد الصالح في قبره احتوشته أعماله الصالحة ، فتجيء ملائكة العذاب من قبل رجليه فتقول : الصلاة إليكم عنه ، فيأتون من قبل رأسه فيقول :
الصيام لا سبيل لكم عليه ، قد أطال ظمأه لله عزوجل في دار الدنيا ، فيأتون من قبل جسمه فيقول :
الحج والجهاد إليكم عنه ، فقد أتعب نفسه ، وأتعب بدنه ، وحج وجاهد لله عزوجل ، لا سبيل لكم عليه ، فيأتون من قبل يديه فتقول الصدقة : كفوا عن صاحبي ، فكم من صدقة خرجت من هاتين اليدين ، حتى وقفت بين يدي الله تعالى ابتغاء وجهه ، ولا سبيل لكم عليه ، قال : فيقال : نم هنيئا ، طبت حيّا وميتا.
قال الإمام المذكور أيضا : قال بعض العارفين : هذا لمن أخلص لله في عمله ، وصدّق الله في قوله وفعله ، وأحسن نيته في سرّه وجهره ، فهو الذي تكون أعماله حجة له ودافعة عنه ، ومن نعيم القير أيضا فرشه.
قال الجلال في كتابه : «بشرى الكئيب» : أخرج أبو جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في تفاسيرهم ، وأبو نعيم في الحلية عن مجاهد في قوله تعالى : (فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ)[الروم : ٤٤] ، قال : في القبر.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية ، قال : يسوون المضاجع انتهى.
وأما التعذيب الدائم فللكافرين والمنافقين.
قال القطب الشعراني : روي عن علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه قال : كان الناس يشكون في عذاب القبر حتى نزلت هذه السورة : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ* حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ* كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ* ثُمَ