__________________
ـ عينه ، وأمّا إطلاعه وعلمه ما في علم الله فيه من حيث أنّها شئون ذاتية لا من حيث انّها أعيان لا يكون إلا بالعناية كقوله تعالى : (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ)[البقرة : ٢٥٥].
وتلك المشيئة عين العناية التي سبقت ، (فإنّه ليس في وسع المخلوق إذا أطلعه الله على أحوال عينه الثابتة) : أي من حيث أنّه عين ثابتة لا من حيث أنّه حق وإنّما قلنا ذلك ؛ لأن الأعيان لها اعتباران.
اعتبار كونه عينا من الأعيان الممكنة وحقيقة من حقائقها ، واعتبار آخر من حيث أنّها صور علمية بلا شئون ذاتية ، وهي بهذا الاعتبار عين الذات لا صورة لها في الوجود ولا في العلم بخلاف الأول ، فإنّها صورة علمية ولها في الخارج صور خارجية يتعين بها في الخارج إذا ظهرت في الخارج.
(وهي التي تقع صورة الوجود عليها) وذلك لا يكون إلا من حيث أنّها أعيان ثابتة لا من حيث أنّها شئون ذاتية للحق سبحانه.
فإنّها عين الذات فليس في وسع العبد (أن يطلع في هذا الحال) : أي حال كونه مطلعا على عينه ومقيدا بهذا الاطلاع الجزئي أن يطلع كليا على اطلاع الحق على هذه الأعيان الثابتة في حال عدمها ؛ لأنّها : أي لأنّ الأعيان الثابتة في حال عدمها.
(نسب ذاتية) مجرّدة عن الأسماء والصفات لا صورة لها ، يدرك غير الذات ولا تميّز ولا فرق بينها وبين الذات بل هي نسب وخصوصيات لحضرة الذات تسمى باصطلاحهم شئون ذاتية ، وهي عين ذاتها فإذا اطلع العبد المعتني به على الأعيان الذاتية من حيث أنّها شئون ، فيرى شئونا ذاتية لا صورة لها في ذاتها ، بل يرى أنّها عين الذات.
(فبهذا القدر) : أي بقدر هذا الاطلاع على الذات وما فيها (نقول : العناية الإلهية سبقت في الأزل) ؛ لهذا العبد الفرد كاشف عينه الثابتة وأخذ العلم بنفسه في نفسه بهذه المساواة في إفادة العلم ؛ أنّه يفيد من حيث أفاد الحق سبحانه ويفيض من عين ما أفاضه تقدّس وتعالى.
وإنّما قلنا سبقت له بسبب هذه المساواة التي هي الأخذ من المعدن الواحد في الإفادة ؛ وهي العلم بما في علم الله فيه ، وهي العناية المختصة بالفرد ؛ لأنّه فوق مقام عينه بل هو في إطلاق الذات ولا عين له في الأعيان كالحق تعالى.
ومن هذا المقام والمشهد من يشهد الحكم ويراها قبل أن يكون الحق فيها ، وهو الذي يشاهدها في حال عدمها كما يشهدها الحق ، وهو أعلى المدارك وأسناها وأشرفها.
قال الشيخ رضي الله عنه الصديق الأكبر رضي الله عنه أشار في قوله : ما رأيت شيئا إلا رأيت الله قبله إلى هذا التجلي : أي التجلي في لا شيء وما فيه أحد فيما وصل إلينا على هذا الوجه ، وما يتكون منه في قلب المعتكف على شهوده إلا أبو بكر الصديق رضي الله عنه.