__________________
ـ المقام إجمال وتفصيل ، منهم من يعلم ذلك تفصيلا.
فقال رضي الله عنه : مريدا لإظهار مراتبهم (وهم على قسمين) ؛ منهم من يعلم ذلك مجملا : أي يعلم سر القدر على الإجمال ، ومنهم من يعلمه مفصّلا والذي يعلمه مفصّلا أعلى وأتم من الذي بعلمه مجملا ؛ فإنّه يعلم : أي بذلك العلمي التفصيلي ما في علم الله فيه : أي في نفسه وذاته.
(إما بإعلام الله تعالى إياه بما أعطاه عينه من العلم) : أي بنفسه فهذا العلم : أي الذي يكون بالإعلام يسمّى : العلم التعليمي ؛ فإنّه من تعريف الله إياه بإلقاء روحي أو قلبي أو كلاهما هذا دون الكشف في النتيجة والشرف.
(وإما بأن يكشف له عن عينيه الثاقبة وانتقالات الأحوال عليها إلى ما يتناهى) هذا علم التّجلّي بكشف الساق يعني : كشف الغيوب على القلوب ، وهو أعلى : أي الذي بالكشف أعلى من الذي بالإعلام والتعريف.
كما قال تعالى : (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ)[يوسف : ٧٦].
فإنّه : أي العلم بالكشف يكون في علمه (بنفسه منزلة علم الله به لأن الأخذ من معدن واحد) والمعدن هو العين الثابتة ؛ لأنّ الحق سبحانه يأخذ منها وهي تعطي العلم على ما هو عليه ، فإذا رجع العبد إلى عقبه فقهري بالتجلّيات التحليلية المعروفة عند أرباب السبك والتحليل برجعته إلى أصله وإطلاقه ، فيكشف له عن ساق فيرى أحواله على ما هو عليه بلا زيادة ونقصان فيجاري علمه علم الحق لهذا الوجه ، ولكن هنا فرق آخر لطيف أشار إليه الحديث أيضا ؛ وهو «ومن عرف نفسه فقد عرف ربه» أنّه اتبع العلم به تعالى بالعلم بالنفس ، فجعل العلم بالنفس هو الأصل في المعرفة وهو أصل معروف غير متكرر.
كما ذكر الشيخ رضي الله عنه في المشاهد وقد نقلته سابقا بعبارته رضي الله عنه التي ذكرها في بعض المنازلات ، وذلك لأنّه وإن كان الأخذ من معدن واحد ولكن للعبد ذاتي أصلي ؛ لأنّه عينه ما جاء من خارج بل قرة عين أخفيت له فيها.
(إلا أنّه من جهة العبد) : أي ذلك الأخذ من جهة العبد يسمّي عناية من الله سبقت له الحسنى من الفيض الأقدس ، فلما قال رضي الله عنه : إن أخذ العبد من عينه كأخذ الله من عينه وأنّ الآخذين من المعدن الواحد ؛ وهم المساواة ، فاعتذر بأن أخذ العبد بالعناية ، وهي أنّ تلك العناية أيضا.
(من جملة أحوال عينه يعرفها صاحب هذا الكشف) : أي الذي كشف له عن عينه الثابتة رأى العناية ذاتية له بلا جعل الجاعل.
(إذا أطلعه الله تعالى على ذلك) : أي على أحوال عينه أنّه يشاهد أنّ العناية ذاتية له من جملة أحوال