الأسماء والصفات ؛ تمكّن الوقار الظاهر في القالب من تحمّل الشرائع ، والأحكام ، والعمل بما يقتضيه كل حال ومقام ؛ فهذا الوقار مطلقا هو المقبول ، وأمّا وقار الأغنياء والملوك في الظاهر بتغيير الأوضاع والأطوار عند أهل العرف والعوام من غير أن يكون لهم تقوى في القلب ، وعمل بأحكام الأجسام ، فذلك غير رائج في سوق الحقيقة ، فإن النظر إلى المعنى لا إلى الصورة.
فإن قلت : هب أن الوقار لا بد منه للمؤمن في كل حال ومقام وأن الطيش والخفّة من سيرة الجهلة والأنام ، فما بال الحق تعالى يصف نفسه بالاستهزاء في قوله تعالى : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) [البقرة : ١٥].
ولا شك أن العبد متخلّق بأخلاق الله ، وذلك الاستهزاء من الخفّة ، وهي لا تليق بالله الجليل العظيم ، ولا بعباده الذين ظهروا على صورته في خلقه الكريم.
قلت : إن الله تعالى غني في ذاته عن العالمين ، وأوصافهم ، فليس عليه أثر من الكون ، وما هو عليه أصلا ؛ لكن ذلك الاستهزاء ونحوه من الفرح ، والضحك ، والتبشبش ، والمجيء والذهاب ؛ كله من أحكام العماء الكوني ؛ لأن الله تعالى يتّصف في تلك المرتبة بما يتّصف به العباد ، فذلك من خصوص المراتب.
وقد يقال : إنه من طريق المشاكلة كما قيل : كما تدين تدان ، وبالكأس التي تسقي تسقى.
والحاصل أن ذلك ليس من قبيل الطيش والخفّة في الحقيقة ، وإنما هو من قبيل أجزية الأعمال ، والله أعلم بحقيقة الحال ، فعليك بمراعاة المراتب كلّها إن كنت من أهل الأهوال.
* * *