ألا ترى إلى نوح عليهالسلام كيف قال : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) [نوح : ٢٦] ؛ وفيه شفاء للقلب ، ورفع للغيظ.
وأين هذا من الدعاء بالهداية؟ فقد قابلهم النبي صلىاللهعليهوسلم بالدعاء لهم ؛ وهو من الإقبال عليهم لما عرف أن بينه وبين أمته رقيقة من الروح الإلهي ؛ فكان روحه روح جميع الأرواح ، كما أن أجسادهم جسده ، والكل لا يقبل على الجزء إلا بالمرحمة ، إلا أن يقتضي الحكمة الغضب عليه ، كما إذ ألبست الجبة عضو من الأعضاء ، أو ظهر فيها من الأكلة فإنها تقطع ، وذلك القطع ، وإن كان نقصانا في الظاهر لكنه كمال في الباطن ، فالقضاء يردّ بالقضاء ، ومن عرف الله تعالى ، يخبر في أمره ، ودار في البلاد ، وسافر من اسم إلى اسم إلى أن يقضي الله أمره ، وكان أمر الله مفعولا.
اعلم أن شيخي وسندي في جميع المنال والأطوار الشيخ السيد عثمان الفضلي الإلهي قدسسره : نفخ الروح في قلب هذا الفقير الشيخ إسماعيل حقي غفر ذنبه ووجوده ، وأنا ابن ثلاث وعشرين سنة ، وذلك في سورة الفاتحة التي هي جامعة الجميع الحقائق ، ثم لمّا مضت عليه سبع عشرة سنة ، وناهزت الأربعين ، وقرب انتقاله من هذا الموطن دعاني ، ودعا لي وقال لي : لم يتعلّق قلبي بمن سواك من خلفائي ، وهم كثيرون قدر مائة وخمسين كلهم من أهل العلم ، وهذه علامة لميراثك ، ثم وضع مسبحته على فمه.
وقال : هذا النفس ينتقل مني بعدي إليك ، فقبّلت ذيله واستبشرت.
فكان كما قال بإذن الله حتى أني لقيت حضرة الخضر عليهالسلام في حطيم الكعبة ، فقال لي : يا هو! أنا الخضر فما مرادك؟ فقلت : مرادي خير الدعاء منك فقال : جعلك الله من الأنفاس ، ثم غاب ، والأنفاس باب من أبواب «الفتوحات المكية» فليطالع هنالك.
وكذا نفخ في فمي حضرة الشيخ الأكبر قدسسره الأطهر ، وسرّ نفخه مذكور في شرح التجليّات خلفائه ، ومرادي في هذا المقام بيان أن النهاية راجعة إلى بداية حيث كان أول ما وقع من شيخي المقدّس روحه النفس ، وكذا آخره ، فدار العود على البدء دورا مع زيادة كيفية في العود حسبما يقتضيه الحركة الدورية في