فكانت علومهم وعلوم جميع الخلق علوا وسفلا بالنسبة إلى علمه المحيط ؛ كقطرة من سبعة أبحر ؛ فكأنه قال : أوتيتم من العلم قليلا ، وأوتي محمد صلىاللهعليهوسلم كثيرا ؛ فهذه إضافة علمية بالنسبة إلى الخلق ، كما يقتضيه المقام ، ويستدعيه السوق.
وأمّا علم الله تعالى فلا يعتبر فيه الإضافة أصلا ؛ لأنه علم الخالق ، ولا شك أن المخلوق إنما يستفيد العلم من الخالق ؛ فهو مصدر العلم المطلق منبعه فلا يضاف إلى علمه علم إلا وهو يجنيه ؛ كقطرة من سبعة أبحر ، أو كأمر معلوم لا وجود له.
فانظر أن الله تعالى هو العليم الخبير فلا يخبر عن الغيب إلا هو ، ولا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول ؛ وهو الرسول المطلق المظهر بجميع الحقائق الأسماء الإلهية على التفضيل المظهر للحكم ، والعلوم للمستأهلين بقدر قابليتهم الأولية ، واستعداداتهم الأزلية ، وعلى أثره يمشي من اتبعه على بصيرة في جميع المراتب ، والله تعالى خير المطالب.
* * *